الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الحقيقة والأسلوب

هناك من يرى المجاملة كذباً، وهناك من يراها تقديراً واحتراماً .. فما الصحيح منهما؟ متى يجب أن يكون الشخص صريحاً ومباشراً ومتى يجب أن يستخدم الأسلوب الأمثل؟ الحقيقة أن الكثيرين يخطؤون دوماً في اتخاذ قرار بخصوص هذا الموضوع، فإلقاء الموضوعات الحساسة المؤلمة بقسوة أمام الناس من دون مراعاة لمشاعرهم بحجة الصدق معهم، أو حتى إخفائها وتجنب طرحها تحت بند المجاملة وتجنب الحساسية، جميعها ممارسات خاطئة وغير سليمة .. هناك مواضيع تتطلب الحكمة والمرونة، ويمكن إبلاغ الآخرين وفق بروتوكول محدد من التسلسل وتخفيف الكلمات والهدوء، وهذه طريقة إنسانية، ستجدها ماثلة في المستشفيات خاصة عندما يراد إبلاغ مريض بأنه مصاب بمرض خطير أو إبلاغ ذويه، أو عند الوفاة أو إجراء عملية خطيرة تهدد الحياة .. هنا تكون المباشرة وإلقاء الكلمات كما هي أمر خاطئ من الناحية الإنسانية لكنها من جانب الصدق هي كلمات صادقة وتحمل الحقيقة، كان من الممكن نقلها بطريقة أفضل.

الفجاجة في سرد الوقائع في مختلف تفاصيل حياتنا ممارسة غير سليمة، حتى في المدارس ومختلف مؤسسات التعليم، عندما يراد إبلاغ إحدى الأمهات أو الآباء بأن ابنه متعثر أو مهمل أو متغيب أو غيرها من الملاحظات السلوكية أو الدراسية .. يمكن نقل المعلومة للأب بطريقة مؤدبة وراقية ومتسلسلة، ويمكن نقلها له بشكل مباشر ومؤلم.

عندما نلقي هذه المعلومات أمام الأب بقسوة لن يعاقبنا أحد، فنحن لم نكذب ولم نسرد معلومات مضللة أو خاطئة، لم نتحدث إلا بالصدق والواقع كما هو، لكن سيقال إنه كان هناك أسلوب أفضل وطريقة أفضل من هذه المواجهة المؤلمة الفجة.


يوجد بيننا من يمارس الفجاجة والمباشرة ضد الآخرين، وعندما تتحدث معه، وتطلب أن يخفف من أسلوبه أو يغير طريقته، يجيبك لماذا، هل قلت شيئاً خاطئاً؟ هل ذكرت معلومات ليست حقيقية؟ .. يمكن أن نبلغ الآخرين بأي خبر مؤلم وحتمي الإبلاغ، لكن يجب أن يكون هناك دائماً أسلوب وطريقة مناسبين، لا داعي للدخول في جدل الحقيقة والمجاملة، ولا أحد يطلب إخفاء الحقائق أو تغييبها، لكن المطلب هو اختيار الأسلوب الأمثل الذي يتماشى مع الحالة والموضوع.