الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

النداء الأخير!

صحافتنا المطبوعة في مأزق بحكم ضغوط السوشيال ميدياقبل أكثر من 17 عاماً أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تصريحه الشهير الذي أكد خلاله أنه يحترم الانتقادات أكثر من شغفه بالمجاملات، وهي واحدة من الإشارات التي تفتح أبواب الحرية أمام الصحافة لكي تمارس دورها في كشف مشكلات العمل التنفيذي في مختلف الدوائر، وتقترب أكثر من الشارع، وفي عام 2007 أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم توجيهات لجميع الجهات بعدم حبس الصحفي لأسباب تتعلق بممارسة عمله في نطاق الحرية المسؤولة.

وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على تهيئة هذه الأجواء لم تتمكن صحافتنا المكتوبة على وجه التحديد من انتزاع ثقة الشارع، وجعل المسؤول التنفيذي في كل دائرة يحسب لها ألف حساب، باعتبارها واحدة من العيون الفاحصة والكاشفة عن المشكلات والسلبيات، وفي المقابل كان هاجس صحافتنا نقل الأخبار الرسمية، والتقارير التي ترصد حركة التطور في الإمارات، وهي بالفعل تستحق الرصد في بلد يسابق الزمن في مسيرة تطوره.

والآن أصبح للسوشيال ميديا حضورها اللافت، كما تمكنت البرامج الإذاعية، وعلى رأسها برامج الخط المباشر، من تلبية حاجة الشارع ولو نسبياً بالكشف عن المشكلات، والتواصل مع المسؤولين ومحاولة معالجة هذه المشكلات، والمفارقة أن القضايا نفسها التي يتم طرحها في الخط المباشر حينما تنقلها الصحافة، فإن المسؤول لا يتقبلها بالطريقة نفسها وهو أمر مثير للدهشة سيكولوجياً.


صحافتنا المطبوعة تجد نفسها في مأزق كبير في الوقت الراهن، بحكم الضغوط الهائلة للسوشيال ميديا، وبحكم عدم استخدامها لسقف الحرية المتاح لها فعلياً، وتراجع الإعلانات، ما أدى إلى تراجعها بصورة لافتة، وعلى الرغم من هذه الصورة الضبابية إلا أن الفرصة لا تزال سانحة للعودة من جديد للتأثير المطلوب، والخطوة الأولى في طريق العودة الذي لن يكون سهلاً أن تقترب أكثر دائرة النقد البناء لصالح المجتمع، ومحاولة تسليط الضوء على المشكلات التي تهم قطاعات كبيرة من المواطنين والمقيمين، وفي الوقت ذاته أن يكون لها منصات سوشيال ميديا أكثر قوة لكي لا يتجاوزها الزمن، ويعم الندم حينما نرى شخصاً لديه عدد من المتابعين يفوق ما تملكه مؤسسات صحفية وإعلامية ميزانياتها تقدر بالملايين، وعلى الرغم من ذلك يظل عدد المتابعين لا علاقة مؤكدة له بقوة التأثير، فقد يكون هناك مغرد لديه عدد أقل ولكنه أكثر تأثيراً.