السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الكاميرا.. والعالم الأزرق

كنت مع رفيقتي هبة نترجل في أحد الأحياء الشعبية،، وكعادة معظم الفتيات فقد استخدمت هاتفي الجوال لتصوير الحارات الضيقة، والمحال التي تبيع اللحم والخضراوات وحتى الكتب الدينية وعصير القصب، لقد مررت بهذه الطرق لأكثر من مرة، وأعرف أن بعض الباعة يرفضون التصوير ما لم تشتر منهم، لذا، كنت أحاول أن أوجه عدسة الكاميرا على ما يباع لا على البائعين، احتراماً لرغبتهم، وقد تناهى إلى مسامعي شجار محتدم بين سيدة بائعة وسائق تاكسي، كانت الكاميرا لا تزال على وضع التشغيل، وأنا لا أزال أشق طريقي لأصل إلى حيث أريد، الصراخ لا يزال يعلو، استولى الصمت فجأة على المكان، ليدع فرصة للمتشاجرين ليأخذوا أكبر قدر من الوقت للمناكفة والمعايرة، وفجأة ظهرت سيدة من المتجمهرين وبكلمات سريعة غاضبة كادت أن تجهز علي، لتقول «انظروا إليها أنها تقوم بالتصوير»، استجمعت قوتي، ووجدت يد هبة تمسك بي، ومضينا نمشي ربما أسرع من الخطوات التي كنا نخطو بها، وبعد أن ابتعدنا قليلاً واستجمعنا أنفاسنا وحتى قبل أن تتحدث رفيقتي، أوضحت لها أنني أقدر ما قامت به المرأة، وأقدر تماماً المتجمهرين الذين لم يلقوا بالاً لما قالته.

هناك أحداث كثيرة غيرت أنظمة وقوانين، وأقيل فيها وزراء ورؤساء ومديرون مهمون بسبب مشهد تم تصويره خلسة لسوء ما قاموا به من تعامل مع المواطنين، مشاهد عديدة لم تغب عن ذاكرتنا، لم نكن نعرفها إلا حينما اتسعت دائرة شبكات التواصل الاجتماعي، ويبقى السؤال: تُرى ما الهدف؟، وما المكسب الحقيقي الذي سيؤتي ثماره من نشر عراك، كالذي شاهدته، إذا كان ممكناً حدوثه في أي مكان من هذا العالم الأزرق!.