الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

رعاية التطرف

حسب إحصائيات رسمية، يأتي الدين الإسلامي في المرتبة الثانية في إنجلترا، واسم محمد في مقدمة الأسماء في عموم بريطانيا، والمساجد موجودة في أغلبية مدن المملكة المتحدة.. الأكثر من هذا هو: أن مؤسسات إسلامية اشترت كنائس ومعابد يهودية في لندن ومانشستر وليدز وغيرها من المدن البريطانية، وحولتها إلى مراكز ثقافية إسلامية. الحال نفسها تتكرر في أغلبية مدن أوروبا وأمريكا وأستراليا ونيوزيلندا، وشعوب هذه الدول لها علاقات اجتماعية طيبة مع المسلمين هناك.. المشكلة ليست في الشعوب الغربية على الإطلاق، بل في سياسات بعض الحكومات الغربية أو أحزابها اليمينية المتطرفة، ومثلما أن هناك متطرفين مسلمين فهناك بالتأكيد متطرفون مسيحيون أو يهود أو هندوس أو بوذيون، والتطرف مثلما الإرهاب، لا دين ولا جنسية ولا قومية له.

في لقاء سابق لي مع جاك سترو، من حزب العمال، عندما كان وزيراً لداخلية بريطانيا في حكومة توني بلير الأولى، قلت له: أنتم تتعمدون تقديم صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين عندما تقدمون في إعلامكم «أبو حمزة المصري»، مثلاً، أنموذجاً للمسلمين، في الوقت الذي فيه آلاف المسلمين المعتدلين في إنجلترا، لم يوضح سترو وجهة نظره وقتذاك سوى أنه علق «هذا ما هو موجود».

على مدى عقود استقبلت أغلبية الحكومات الغربية متطرفين وإرهابيين معروفين ببلدانهم، بل إن حكوماتهم طالبت بهم لاقترافهم جرائم في بلدانهم، بدلاً من ذلك تم الاهتمام بهم في الغرب تحت ذريعة حقوق الإنسان وحرية الرأي، لكن الحقيقة كان استقبالهم وإيواؤهم لأغراض استخدامهم أوراق ضغط على بلدانهم، وفي مهمات استخبارية (تجسسية) ضد المسلمين هناك، ثم حصدت مجتمعات هذه البلدان، الغربية، عمليات إرهابية شوهت صورة الإسلام والمسلمين وشعوب الدول التي جاؤوا منها، وخلقت ردود أفعال قاسية لدى بعض شباب وشابات المجتمعات الغربية اتجاه الإسلام، بل لجأ هؤلاء إلى تشكيل جمعيات شبه سرية متطرفة معادية للمسلمين وللاجئين.


لا أبرر هنا، بالتأكيد، جريمة المتطرف العنصري الأسترالي برينتون تاران في مسجدين في كرايست تشيرش بنيوزيلندا، لا يمكن تبريرها أو التعاطف مع مقترفها، لكنني أُلقي باللوم على الحكومات والأنظمة التي آوت متطرفين ولم تضبط حركتهم وتصرفاتهم، كما لم تنتبه لردود أفعال شبابهم وتصرفاتهم العنصرية مبكراً لتنقذ مجتمعاتها من الإرهابيين من أي دين أو قومية كانوا.