الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

انتفاضة الجزائر.. احتمالات مفتوحة

في الحرب العالمية الثانية شارك الجزائريون بـ 250 ألفاً في جبهة الحلفاء، قتل منهم ثمانون ألفاً تقريباً، وتنكر الاستعمار الفرنسي لتضحيات الجزائريين؛ فخرجوا بمظاهرات رافعين علم الجزائر داعين لسقوط الاستعمار الفرنسي، مطالبين بالحرية والاستقلال.

نزعة الاستقلال ومطلب الحرية قضيتا كفاح الجزائريين منذ الاحتلال الفرنسي 1830، ولم تكن الانتفاضة الحالية هي الأولى، فهناك عشرات الانتفاضات المستمرة والمتواصلة، سواء في مواجهة الاستعمار أو في تحدي عهود ما بعد الاستقلال.

ثورة المليون ونصف المليون شهيد كانت في صدارة حركات التحرر العربية والأفريقية والعالمية، وألهمت عشرات الحركات التحررية في العالم.


لاشك في أن الصدامات بين الجيش والجماعات الإسلامية في التسعينات أعاقت التطور السلمي، ومكَّنت الجيش من فرض النظام بالقوة، وعلى الرغم من الاعتراف بالتعددية السياسية والحزبية، وبمستوى معين من حرية الرأي والتعبير إلا أن القيود المفروضة ظلت حاضرة.


وكان لثورة الربيع العربي في تونس ومصر أثر كبير في الحراك السلمي الذي لم يتوقف وبلغت ذروته في هبة 28 ديسمبر 2018، وحالياً تتصاعد الانتفاضة بوتيرة عالية ومتسارعة، وقد أسقطت العهدة الخامسة، وتواجه تركة العهدة الرابعة المستمرة والمراوغة.

غداً تدخل الانتفاضة أسبوعها السادس، وعلى الرغم مما حققته من انتصارات منها إعلان قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح عن شغور منصب رئيس الجمهورية على خلفية المرض، إلا أنه يتشكل من حولها ما يشبه التوافق العام على الخلاص من هيمنة الحزب الواحد، وإقامة تعددية حقيقية بديلة، ونظام ديمقراطي يقوم على حرية الاختيار، ووجود انتخابات حرة وديمقراطية، بعيداً عن التزييف وسيطرة اتجاه واحد، وتبقى المخاطر قائمة وكثيرة.

غير أن ظهور وعودة تنظيمات وأحزاب ذات انتماء إسلامي يعد مؤشراً خطراً، لكونه قد يؤدي إلى الالتفاف على الثورة وقولبتها، وهو ما أصيبت به العديد من ثورات الربيع العربي في اليمن، ومصر، وإلى حد ما تونس، وقبلهما الانتفاضتان الفلسطينيتان.

مؤشرات انتصار الانتفاضة الجزائرية كثيرة، ولكن الانقلاب عليها والانحراف بها احتمال كبير أيضاً، ويزداد باشتداد التدخلات الخارجية، والأخطر من ذلك كله جر الانتفاضة إلى العنف، كما حصل عقب انتفاضتي 88، و91 وهو ما حصل في اليمن وسوريا وليبيا.