الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

المساحة المرفوضة

هي التلقائية التي تدعوك إما للكذب أو لقول الحقيقة التي لا تريد لأحد أن يعرفها.. لم نتعود أن نرتب إجاباتنا هذه هي ثقافتنا العربية، هل لدينا أسرارنا الخاصة؟ نعم بالتأكيد، وهل نعاني من أمراض وعلل لا نريد لأحد أن يعرفها؟.

هنا نتوقف قليلاً فثقافتنا العربية تحتم علينا أن نكشف كل خبايانا، ولأن أصولي قروية، فأنا أفهم لماذا في السابق كان المرض يجب أن يعلن للجميع، على الأخص إذا ما كان المرض يتعلق برجل البيت، الإعلان يعني أن على القرية أن تهتم بالأسرة المنكوبة، البيت، الزوجة، الأطفال، وإذا ما كان عليه ديون فإما أن تسقط أو يتناوب أهالي القرية على دفعها لمستحقيها.

الآن عالمنا تغير، لم يكن باختيارنا أن يتغير، ولكن الوتيرة السريعة التي تسرق حتى أرواحنا، جعلت كل ما كان يحدث في القرية يصعب أن يحدث في المدينة، لدينا أرصدة هائلة من الأسرار، وحتى من المخاوف غير المعلنة، ومن المشكلات التي لا يمكن أن تخرج بعيداً عن أسوار البيت، وكان لا بد من أن تتغير ثقافتنا العربية التلقائية، وأظن أنها تغيرت إلا قليلاً، حتى جاء ذلك اليوم الذي زارتني فيه إحدى الزميلات العربيات في غرفة الفندق.


كنت قد رصصت عدداً من الأدوية على الطاولة، فأنت حينما تسافر بعيداً عن وطنك فأنت تتخيل أنك لربما تصاب بشتى الأمراض، لذا، فأنت تعتقد أن عليك أن تكون جاهزاً بكل عتادك لأي مرض، وفجأة وبتلقائية يأتيك السؤال:، لماذا عليك أن تأخذ كل هذه الأدوية؟.. هل أنت جاهز للموت؟ ما زلنا نعيش في مشاعر مضطربة، فنحن لا نعرف كيف لنا أن نقيس المساحة بيننا وبين الآخرين، ولا نعرف حتى كيف لنا أن نطرح الأسئلة، ونتصرف بتلقائية نظن أنها مسحة من الحب والشفقة.