السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

قبول فكرة الوقوع في الخطأ

يقول دوستويفسكي «إن الخطأ هو الميزة الوحيدة التي يمتاز بها الإنسان عن غيره من الكائنات الحية، ومن يخطئ يصل إلى الحقيقة.. أنا إنسان لأنني أخطئ، وما وصل إنسان إلى حقيقة واحدة إلا بعد أن أخطأ أربع عشرة مرة، وربما مئة وأربع عشرة مرة»، وعلى خلفية هذا الرأي وغيره يمكن القول: إن من أشد أساليب التربية تخلفاً وسوءاً هو تخويف الأبناء من الخطأ، لأن ذلك غير مبرر على الإطلاق، ولنتوقف قليلاً عند الإنجازات العظيمة التي حققها البشر على مر العصور.. اكتشاف الكهرباء، اختراع الهاتف، تركيب البنسلين... إلى آخرها.. ونتساءل: هل تحققت من المحاولات الأولى التي قام بها أصحابها؟

الإجابة البديهية، هي: لا طبعاً!

وهذه الإجابة تقودنا إلى حقيقة كبرى، وفي غاية الأهمية فحواها: أن التطور الإنساني بأكمله يقوم أساساً على المحاولة والخطأ، ودون قبول فكرة الوقوع في الخطأ لن نجرؤ على المحاولة، هذه الحقيقة تفرض على الآباء تقبل فكرة وقوع الأبناء في الخطأ، وأن يقابلوا أخطاءهم بالتوجيه ورفع المعنويات، وأكبر خطأ يمكن أن يقعوا فيه هو تثبيط همم الأبناء، أو حرمانهم من حقهم في الخطأ.


دعونا الآن نعود إلى سنوات طفولتنا الأولى، ونتذكر معاً كم مرة حاولنا فيها أن نبدئ رأياً صادقاً، وتم إسكاتنا من أقرب الناس إلينا، وذلك تجنباً للوقوع في الخطأ.. هذا المنع على وجه التحديد يمثل سبباً رئيساً لضعف شخصية الطفل، وعدم قدرته على التعبير عن آرائه مستقبلاً.