الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

هل فات الأوان علينا جميعاً؟

«لِتَحكُم عليك أن تَتَبَصّر، وإذا لم تَتَبصّر فانتظر الخسارة» هكذا قال الإعلامي الشهير (إيميل دي جيراردن) mile de girardin منذ منتصف القرن التاسع عشر، ومع مرور كل هذه المدة، يبدو أن خسائرنا السياسية ما فتئت تَنتج عن ضعف التبصر والاستباق، باعتبارهما من أركان الاستشراف الذي لم يعرف له مكانة بعدُ في سياساتنا المختلفة.

فشل منظومة الحكم في أكثر من بلد عربي، ودخوله في صراعات دموية في معظم الأحيان هو نتيجة عدم القدرة على قراءة الإشارات الأولى الحاملة للمستقبل.

إلى آخر لحظة ينتظر الحاكم معجزة تُنقِذه، وإلى آخر لحظة يتمسك بقدرته على مواجهة الأزمة بعد ما تقع، وقناعته الداخلية تقول دائما: «إنها لن تقع، أو إنها مجرد حدث عابر سيكون مصيره كغيره من الأحداث، يتكفل به الزمن و أدوات الإغراء والقمع التي يملك، وسيقضي عليه».


هذه هي المنهجية الغالبة في السياسة لدينا، وهي التي تحكم قراراتنا، وتتسبب لنا في كل مرة في الفشل.


كل الأزمات الطاحنة في المنطقة العربية، والتي ما زالت مشتعلة إلى اليوم، إنما سببها عدم التمكن من إجراء قراءات صحيحة لما سبقها من إشارات حاملة للمستقبل، من تونس حيث بدأت الشرارة الأولى للربيع العربي، إلى السودان ثم الجزائر، حيث الحراك لا يزال قائماً، عامل مشترك واحد يجمع بينها، أن قيادات دولها تفاجأت بما حدث، ولم تتمكن تبعاً لذلك من التعامل معه بالكيفية الأكثر عقلانية و بأقل الخسائر.

عكس ذلك، جميعها أدت إلى كوارث إن لم تكن حروباً، وما زلنا في انتظار البقية.

لِمَ عقل منظومة الحكم لدينا بهذا الشكل؟.. لِمَ يصنع الآخرون مستقبلنا باستمرار؟.. لِمَ لا يعرف تفكيرنا سوى بعدين من الزمن، الماضي والحاضر وقليل الاهتمام بالمستقبل؟.. لِمَ لا يتم اتخاذ القرارات الحاسمة إلا في الدقائق الأخيرة ونحن في حالة استعجال.

ألم يقل الدبلوماسي الكلاسيكي الفرنسي قبل اليوم «إذا كان الأمر مستعجلاً فقد فات الأوان»؟.. ألم يفت الأوان على معظم حكامنا وهم يصارعون شعوبهم في الوقت بدل الضائع؟.. أَليْست هذه بحق هي مشكلتنا الجوهرية: ضعف الاستباق والاعتراف بعدها بانعدام البصيرة؟.. ألم يُجب الناطق الرسمي لأحد الأحزاب الحاكمة في الجزائر عندما سئل بعد الإطاحة برئيس حزبه ورئيس الحكومة في الشهر الماضي بالقول الصريح: «لم تكن لنا بصيرة».