الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الثقافة العربية في الهند

عقب نشر مقالتي «هل مستقبل اللغة العربية في خطر؟» يوم الاثنين الماضي تلقيت رسائل من بعض الأصدقاء المتابعين يؤاخذونني بالرؤية التشاؤمية التي رسمتها المقالة بشأن مستقبل اللغة العربية، فأكد البعض أن مستقبل اللغة العربية ليس مهدداً بخطر، بل مستقبلها مشرق، بدليل سرعة انتشارها في أقطار غير عربية، واهتمام الدول العربية بدعمها، ووجود عدد لا يحصى من الكتاب والأدباء والشعراء ذوي المكانة العالمية في العالم العربي، على أية حال، المهم أن يظهر هناك وعي جماعي بالخطر المحدق باللغة العربية حتى يمكن اتخاذ تدابير تصحيحية ملائمة على المستويين الحكومي والمجتمعي وفي الوقت المناسب.

طالب بعض المتابعين الهنود بإبراز دور الهند المشرق في خدمة الثقافة العربية، وقالوا مادام هناك إقبال كبير على العربية من قبل غير الناطقين بها فلن يمسها شر، وسوف تجد العربية أنصاراً لها من أبنائها ومن غير أبنائها، وقد كفل الله حفظها في كتابه المجيد.

وللعربية في الهند تاريخ حافل، فقد برز على أرضها علماء فطاحل من محدثين ومفسرين ونحاة، ومؤرخين، ولغويين، وفلاسفة، وأدباء وشعراء وكتاب، ومفكرين أتحفوا المكتبة العربية الإسلامية بمؤلفات قيمة نادرة في شتى العلوم والفنون العربية الإسلامية.


جاءت موسوعة «نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر» للعلامة عبدالحي الحسني بذكر تراجم العلماء الهنود في ثمانية مجلدات.


كما برز في ربوعها ألوف من العلماء البارعين المشهود لهم بالفضل عالمياً، وفي عصور الانحطاط في العالم العربي كانت الهند مركزاً مهما للدراسات الإسلامية والعربية يتوافد إليها طلاب العلوم العربية والإسلامية، علماً أن الهند حكمها الملوك المسلمون قرابة ثمانية قرون أو تزيد، ووصفها الكاتب علي الطنطاوي بالفردوس الإسلامي المفقود في شبه القارة الهندية.

وعلى الرغم من انحسار الثقافة العربية والإسلامية في الهند خلال الحكم الاستعماري البريطاني، استطاع المسلمون الحفاظ على التراث العربي الإسلامي الرائع، بتأسيس معاهد ومراكز لتعليم العلوم العربية والإسلامية عقب استيلاء الإنجليز عليها.

واليوم تقوم شبكة واسعة من المدارس الدينية المقدرة بما يزيد على ثلاثين ألف بنشر الثقافة العربية والإسلامية في ربوع الهند.. فضلاً عن ذلك، هناك ما يزيد على أربعين جامعة وعدد كبير من الكليات التي تحتضن قسماً للغة العربية يشهد إقبالاً عظيماً عليها من الطلاب الهنود، وتحتاج هذه المؤسسات عناية الجهات العربية الحكومية وغير الحكومية تشجيعاً لها على مواصلة جهودها في نشر الثقافة العربية.