الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الشعب والجيش والتغيير

خروج المحتجين السودانيين في مظاهرات في ديسمبر الماضي لم يكن الأول من نوعه، فعلى مدى السنوات الماضية كانت الاحتجاجات تندلع وما تلبث أن تهدأ، وهذا ما راهن عليه الكثيرون في الاحتجاجات الأخيرة، إلا أن الوضع لم يهدأ، بل على العكس تماماً، أخذت الاحتجاجات منحى تصاعدياً، وارتفع سقف مطالب الشارع يوماً بعد يوم، ويبدو أن السودانيين مصرون على التغيير هذه المرة.

وبعد أسابيع من الاحتجاجات في الميادين، غيّر المحتجون السودانيون طريقة تفكيرهم وتحركهم، فبعدما رأوا تصرف الجيش الجزائري مع الثوار قرروا اللجوء إلى الجيش، ويبدو أن المحتجين السودانيين أصبحوا على يقين من أن حسم معركتهم مع نظام الحكم بيد الجيش، فهو الوحيد الذي يستطيع الضغط على الرئيس عمر البشير ودفعه إلى التنحي أو عزله.

وإن اختلف الحال في السودان عنه في الجزائر التي انحاز الجيش فيها تلقائياً إلى الشعب، أما في السودان فقد رأينا المحتجين وجموع الشعب زحفوا نحو الجيش يطلبون منه الانحياز إليهم، إلا أن الهدف واحد والقناعة واحدة والرهان واحد، وهو أن الحل والتغيير بيد الجيش، وهذا ما لاحظه العالم خلال الأيام الماضية من تجاوب الجيش السوداني ووقوفه إلى جانب الشعب وحمايته إياه .. وهذا ما يجعلنا نتساءل بعد الحالتين السودانية والجزائرية وقبلهما الليبية والمصرية: هل أصبح التغيير وتحقيق إرادة الشعب في العالم العربي بيد الجيش؟

الوضع في السودان يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، لكن ليس من الواضح إلى اليوم استيعاب النظام في السودان لحجم الإصرار الشعبي على التغيير هذه المرة، وكذلك يبدو أن النظام يتعامل بالمنطق القديم مع الضغوط الدولية التي تطالبه بالاستجابة لإرادة الشعب، فلا يعيرها اهتماماً!

وبلا شك، إن أي محب للسودان وشعبه يريد أن تنتهي هذه الأزمة بسلام ودون سقوط مزيد من الضحايا، وهذا لن يكون إلا من خلال التصرف الحكيم من النظام السوداني مع مطالب الشعب وتحركاته التي لم تتوقف منذ ديسمبر الماضي.