الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

انقلاب السودان.. فتح مسار جديد

في الـحادي عشر من أبريل الجاري، أعلن فريق أول عوض بن عوف نائب الرئيس عمر البشير ووزير دفاعه، الانقلاب والأحكام العرفية، وفرض حظر التجول؛ ليبرز الانقلاب منذ الوهلة الأولى بأنه ضد الانتفاضة كامتداد لحكم الجبهة القومية الإسلامية وللبشير تحديداً.

منذ استقلال السودان سلمياً عام 1956 والصراع محتدم بين الحكم المدني والديمقراطية، والانقلابات العسكرية، فقد قاد الفريق إبراهيم عبود عام 1958 أول انقلاب ضد الحكم المدني والديمقراطية المنقوصة؛ فأطاحت به انتفاضة شعبية عام 1964.

وفي عام 1969 قام جعفر النميري بالانقلاب الثاني.. بدا الانقلاب ذو اللكنة القومية، كما لو أنه رد على هزيمة 1967، متحمساً لتحرير فلسطين، لينتهي ببيع الفلاشا، ولقي الانقلاب التأييد والدعم من بعض الأحزاب القومية واليسارية، ومن مصر، والأنظمة القومية والمعسكر الاشتراكي حينها، وبعيداً عن الشعارات فقد كان الصراع ضد الديمقراطية والحياة السياسية والحكم المدني.


مثّل الانقلاب الذي قام به البشير، متحالفاً مع الترابي، انحرافاً نحو الدكتاتورية وفارضاً أحكام سبتمبر الإسلاموية، ومصعداً الحرب ضد الجنوب، وضد الاتجاهات السياسية المختلفة، وأسهم في تدمير الحياة الاقتصادية، وثروات السودان، ومهّد السبيل أمام حكم الجبهة الإسلامية القومية.


انقلاب الجبهة القومية بزعامة الترابي وقيادة البشير، مُوِّه باعتقال الترابي للتضليل ولكسب ود مصر والاتجاهات القومية ولم تمض إلا بضعة أسابيع ليخرج حسن الترابي كزعيم للانقلاب وأقوى رجل في السلطة.

انقلاب الجبهة القومية هو الأكثر دموية وفاشية؛ فقد رفع شعار «وحدة العقيدة أهم من وحدة التراب»؛ مما سرع بانفصال الجنوب، وأشعل الحرب في دارفور وكردفان وأعالي النيل، وأضر كثيراً بالنسيج المجتمعي للسودان، وجرف الحياة السياسية، وفتح بيوت الأشباح، وشجع الإرهاب، ودمر الاقتصاد؛ فقد هوت العملة، وساد القمع مختلف مناحي الحياة.

وطوال حكم العسكر كانت الإضرابات والمظاهرات والاحتجاجات السلمية سلاح المقاومة في مواجهة الفساد والاستبداد وقمع الحريات، ومنذ الـ 22 من ديسمبر العام الماضي والانتفاضة في حالة اتساع وامتداد إلى مختلف مدن وقرى السودان، ورغم المحاولات المتكررة لقمع الاحتجاجات وتفكيكها، وخلق انقسامات داخلها إلا أن كل المحاولات قد فشلت.

انقلاب نائب البشير يشبه إلى حد ما انقلاب علي محسن في اليمن، لكأنه تكرار للعبة انقلاب البشير والترابي، ما يقوم به العسكر في السودان لعبة مكشوفة لإدامة حكم العسكر، مع أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح برهان عبد الرحمن بدأ خطوات تومئ بالقبول بمطالب الشعب.