الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

العربي يجري إلى ما لا يدري!!

لا أحب التعليق على ما يحدث في الأمة العربية الآن، وأراه مثل شعر المناسبات يقوله ويلقيه الشاعر بلا إحساس ولا معايشة، كما أن المشهد الممتد على تلك المساحة المسماة الأمة العربية لا يحمل أي جديد أو اختلاف في جزئياته وكلياته، ويتشابه حتى التطابق في زخم المقدمات وصفرية النتائج، وتستطيع أن تقول بكل ثقة إن العرب نجحوا بامتياز في تحقيق وحدة عربية في السوء وفي إعادة إنتاج الخطايا بأبطال جدد، كما أن هناك جزئية دقيقة ألاحظها في هذا المشهد العربي كله، وهي: أن الوسائل في هذه الأمة صارت غايات.

معنى ذلك أن التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات يفترض أنها وسائل لبلوغ غاية ما، لكنها مع الوقت تتحول إلى غايات في ذاتها، حيث يرتفع سقف المطالب كلما تحقق مطلب ما، ومع الوقت يظهر راكبو موجة الشارع ليوجهوا الدفة إلى حيث يريدون هم لا إلى حيث يريد الشعب.

وهكذا كل المشاهد العربية تتحول فيها الوسائل إلى غايات مثل انعقاد القمة العربية وأي مؤتمر عربي وأي ندوة عربية، كل هذه وسائل تحولت إلى غايات.. فالمهم أن تنعقد القمة ويكون التمثيل على أعلى مستوى، ونوجه الشكر إلى الدولة المستضيفة على حفاوة الاستقبال وحسن التنظيم وكرم الضيافة، أما الغاية من انعقاد القمة أو المؤتمر أو الندوة فلا تهم ولا قيمة لها، لذلك نقيس نجاح المؤتمر بنجاح انعقاده لا بتحقيق غاية انعقاده.


انظر إلى كل شيء في هذه الأمة لتتأكد أن الوسائل فيها صارت غايات، فنحن نرهق أنفسنا جداً في صياغة الشعارات والخطب والمقالات، ثم نسأل الآخرين: ما رأيكم في مقالاتنا وشعاراتنا وخطبنا؛ ونسمع الثناء علينا وكفى وتلك هي الغاية.. لكن لماذا نفعل ذلك؟، لماذا نتظاهر؟، لماذا نجتمع؟ لماذا نهتف؟ لماذا نكتب؟ لا جواب.. فما نفعله هو الغاية وهو النهاية، والعرب يتقاتلون ولا يعرفون لماذا، والعرب يختلفون ولا يدرون على ماذا.


لا تحدثني بعد ذلك عن رسالة أو هدف أو غاية.. فالعربي بلغ مرحلة خطيرة من اللاوعي بما يفعل، ولذلك تسمع في كل مكان جعجعة ولا ترى طحناً، والتعاون العربي على الإثم والعدوان لا على البر والتقوى، لا تعرف لماذا أي شيء؛ لماذا المعارضة فصائل رغم أنها تعارض نظاماً واحداً؟، ما معنى مصطلح المعارضة المسلحة؟.. فالمعارضة إما أن تكون معارضة أو تكون مسلحة، فكيف يجتمع الضدان؟.. الجواب ببساطة أن العربي يجري إلى مالا يدري!!.