الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

اليمن.. أوهام القوة والانتصار

مأزق الحل السياسي والعائق الأكبر أمام السلام في اليمن هو اغترار كل طرف من أطراف الحرب بامتلاك يقين الانتصار ومفاتيح القوة، بعد مضي أكثر من أربعة أعوام على الحرب الأهلية والإقليمية والدولية المركبة، إلا أن أطرافها لا تزال تراهن على الانتصار والقدرة على الحسم، والمأساة أن لا أحد منها يعير الاهتمام لكوارث الحرب، التي تصنف دولياً بأنها أسوأ كارثة تشهدها البشرية في الربع الأول من القرن الـ 21.

كل الدلائل تؤكد صعوبة الحسم العسكري إن لم تكن استحالته، لكن كل طرف يرى - ومعه كل الحق ـ أن نهاية الحرب بدون انتصار تعني نهايته؛ فقد ربط زبانية الحرب مصيرهم بالحرب، فهم لم يعودوا قادرين على تصدر المشهد والدوس على رقاب البلاد والعباد بدون امتشاق السلاح، وتأجيج الصراع، والارتهان أكثر فأكثر للصراع الإقليمي والتدخل الدولي.

غالبية الشعب اليمني هي من تدفع ضريبة الحرب الإجرامية من أمنها وسلامتها ودماء أبنائها، وتجار الحروب والممولون وتجار السلاح هم المستفيدون الوحيدون.


لقد بدأ التململ في اليمن يتزايد، وبدأت الدعوات السلامية والأصوات الرافضة للحرب تعلو، وأصبح المجتمع الدولي ـ تحت وطأة مآسي الحرب العبثية ـ يصيخ لدعوات السلام، وهو الأكثر إدراكاً لهول الكارثة من الطرفين:ِ المحلي، والإقليمي، كما أنه الأقدر على «فرملتها»، والتحكم بها.


مؤشرات الحرب لا تزال هي الأقوى والأكثر فتكاً واتساعاً، وصناعها والداعون لها والمستفيدون منها كثر، لكن فشلها يفت في عضد الجميع.. شيئاً فشيئاً يقوى صوت السلام، خصوصاً في المناطق الأكثر انخراطاً فيها وتضرراً من نتائجها الكارثية - صرواح في جهم خولان على سبيل المثال - وهناك نداءات في غير منطقة ومن أطراف عدّة مجتمعية وسياسية جهرت بنداء السلام في اليمن.. تدين الحرب وتُجرِّمُها، كما أن نشطاء السلام في العالم، ومنظمات العفو وحقوق الإنسان والصحافة في البلدان المتقدمة بدأت تكشف جرائم الحرب في اليمن، وتفضح أسرارها.

كل طرف من أطراف الحرب يرى أنه بإطالة أمد الحرب، وازدياد معاناة الناس والتجويع والتشريد والتدمير، واتساع رقعة الخراب والقتل، سيدفع للثورة على الطرف الآخر في الحرب، والواقع أن الشعب اليمني (ضحية الحرب) يدين كل هذه الأطراف، ويرى أن الخلاص الحقيقي هو البراءة من الحرب، وفرض الأمن والسلام والاستقرار، وقبول الجميع بالجميع في ظل تشارك الكل، وصياغة عقد اجتماعي جديد يحترم مصالح الناس، ويحمي حقوقهم.