الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

إيران .. الإصرار على الإضرار

الخطوة الأمريكية الأخيرة تجاه إيران بإعلانها إلغاء الاستثناءات من العقوبات الأمريكية الممنوحة لعدد من الدول عند شرائها النفط الإيراني، وعدم تمديدها، بدءاً من الشهر المقبل، كانت صدمة حقيقية للنظام الإيراني.

فلم يكن يتوقع الإيرانيون أن تذهب الولايات المتحدة بعيداً في مواقفها تجاه النظام، كما يبدو أن رهان النظام على الدول الغربية لم يكن في محله بحيث لم تصمد تلك الدول طويلاً في وجه القرارات الأمريكية، فآثرت السلامة وفضّلت عدم إغضاب أمريكا على مصالحها الاقتصادية مع طهران.

مشكلة نظام طهران أنه لا يريد الاعتراف بالواقع، وفي الوقت ذاته يبحث عن شمّاعة لأخطائه، فلا يجد أقرب من دول الخليج كي يحمّلها مسؤولية القرار الأمريكي، وهذا سلوك أصبح مكشوفاً ليس لشعوب المنطقة، بل وللشعب الإيراني، فمحاولات إيران إسقاط أخطائها وفشلها على الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات، أصبحت مفضوحة، ويفترض أنها تعلمت من دروس الماضي، فبدلاً من البحث عن الشماعة كان الأفضل لهذا النظام لو اعترف بأخطائه وأصلحها، لكن لأن هذا النظام لا يريد أن يتغير، فإنه بدلاً من الاعتراف يهدد أمريكا ودول المنطقة والعالم، ويهدد بإغلاق مضيق هرمز، وهو يعلم أنه لا يملك هذا القرار، كما أنه لن يخنق نفسه بيده، فإيران ستتضرر من قرار كهذا أكثر من غيرها.


لذا، فإن العالم لا يعير اهتماماً لهذه التهديدات، ولو حدث ـ وسيكون أسوأ السيناريوهات ـ فسيكون النظام الإيراني فتح باب جهنم على نفسه، وسيكون في مهب عاصفة عالمية لا يعلم نهايتها.


أما ما هو ممكن، فهو أن تلجأ البحرية الإيرانية إلى أعمال التحرش والتهديد ومُضايقات السفن التي ستعبر المضيق، كمحاولة بديلة للضغط ولفت الأنظار واستعراض القوة، دون التورط في صِدام مباشر مع القوات الأمريكية أو العربية، وعلى الرغم من أن ذلك ممكن إلا أن النظام سيفكر كثيراً في هذا الخيار، خصوصاً أن هناك سوابق لدى إيران في ثمانينات القرن الماضي، ويذكر النظام جيداً أن ذلك الخيار لم ينتهِ في صالح إيران على الإطلاق.

أما حقيقة حجم المأزق الذي يعيشه النظام الإيراني فتكشفه التهديدات التي أطلقها حسين سلامي قائد الحرس الثوري الجديد خلال حفل تنصيبه منذ أيام، عندما قال إن إيران ستوسع نفوذها من الإقليم إلى العالم.

والنظام الإيراني يعاني من هذا الجرح الكبير، ومن المهم أن تكون دول المنطقة متيقظة، فعلى الرغم من قطع الحبال السُرية بين النظام وأتباعه في الخارج، إلا أن التهور الإيراني متوقع، وكان ذلك واضحاً من خلال تصريح ظريف عندما قال «العقوبات الأمريكية والحظر النفطي لن ينجحا في دفعنا لتغيير سياساتنا الإقليمية»، فهذا التصريح وتهديدات سلامي هو الإصرار على الإضرار بالعالم!