الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«سلاح البْلُوك».. والعصفور الأزرق

في السابق كانت العلاقات الحميمية تمر عبر العائلات والأصدقاء، حتى جاء عصر«السوشيال ميديا» قبل عشر سنوات، لينتهي الوسيط البشري، وجاء العصفور الأزرق فجأة بعوائله وقبائله، وهو العصفور الذي أصبح يغرد خارج القفص الذي كان حبيساً له، فانطلق وجعلنا نحن داخل القفص لنشعر أننا محبوسين داخل «القفص السوشيلي».

في السابق كنا نضع العصفور في القفص ونستمتع برؤيته ونضع له الطعام، ونستمتع بتغريداته الصوتية، ونتبادله كهدايا، ويتغنى به المطربون، ويكتب عنه الشعراء، ونتحكم في كل تفاصيل حياته، ويبدو أنه يأخذ بثأره الآن، فقد أصبح حراً طليقاً، ويقف على طاولة طعامنا ليأخذ ما يشتهي، ويرتشف معنا قهوة الصباح، وانتهى الأمر بدخولنا القفص بدلاً منه.

السوشيال ميديا خلقت أسلحة فتاكة جديدة لم تكن معروفة في تاريخ العلاقات الاجتماعية، وعلى رأسها سلاح «البلوك»، فهل تصدقون أن هذا السلاح لا يحتاج منا إلا كبسة زر تنتهي بها علاقة إنسانية كانت على طريق الحرير يوماً ما لينتهي التواصل، والسؤال الآن: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة التي تجعلنا نضحي بعلاقات كانت تتصف بالصدق والعواطف والتواصل الدائم، ثم تنتهي بالبلوك؟!


همسات مهملة من البلوكات، ونحن نستيقظ صباحاً ولا نعرف من قرر أن ينهي علاقته معنا، ثم تنتقل العدوى من قبيلة عش العصفور «تويتر» إلى قبيلة «شكو ماكو» أي الواتساب، وصولاً إلى جماعة المفرقعات الساحرة «سناب شات»، ثم الإنستغرام، والتي تذكرنا بكاميرات بلورايد الفورية، ولكن دون الحاجة إلى وقت لتجفيف الصور، وفجأة ينتشر البلوك في جميع حساباتنا بالمواقع التي كانت يوماً للتواصل.


وفي حال تغيرت الأحوال والمصالح في لحظة معينة، وحاول من قام بعمل البلوك إعادة العلاقة لمصلحة ما، فإنه يبدأ في استخدام السياسة الناعمة بمفهوم السوشيال ميديا، ليقوم بعمل الرتويت، واللايك، ثم يتفاهم مع قبيلة الواتساب «شكو ماكو»، وفيما بعد ينتهي الأمر بالتفاهم، وقد تسفر جميع هذه المحاولات عن عودة العلاقة، وقد لا تنجح على الإطلاق، ويظل البلوك سلاحاً خطراً فاحذروه، ولا تستخدموه في لحظات الغضب والانفعال.