الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

العراق.. صراع الولاءات والانتماء

تضع الأحزاب العراقية وزعماؤها الموالؤن لإيران رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في مواقف لا يحسد عليها بالفعل، فإضافة إلى وضع العصي في دواليب تشكيله للحكومة الناقصة، منذ ستة أشهر، أربعة وزراء ـ الدفاع والداخلية والتربية والعدل ـ تدفع هذه الأحزاب ومعها زعماء الميليشيات المسلحة المدعومة إيرانياً، رئيس الوزراء إلى مواجهة جديدة، في الواقع هي مواجهة شبه مستحيلة، ومن الصعب أن يتخذ إزاءها عبد المهدي أي قرار بسهولة، حيث تطالب كتل نوري المالكي وهادي العامري وعمار الحكيم البرلمانية، استضافة رئيس الوزراء في مجلس النواب لدفعه لاتخاذ قرار ضد الولايات المتحدة ولصالح إيران.

المعادلة هنا لا، ولن، تتوازن على الإطلاق، واتباع سياسة مسك العصا من الوسط في هذه الحالة مستحيلة، فعلى الحكومة التي تشكلت بأسلوب المحاصصة الحزبية والطائفية، أن تكون إما مع واشنطن أو طهران، وهذا الاختيار لا يورط رئيس الوزراء فحسب بل سيورط العراق كله وبجميع طوائفه الإثنية، في وقت يعيش فيه البلد أزمات سياسية واقتصادية وأمنية، منذ ما يقرب من 16 عاماً.

من الناحية المنطقية فإن على الأحزاب والسياسيين الذين يحكمون العراق أن يقدموا الولاء والطاعة لأمريكا التي أزاحت بقوتها العظمى نظام الرئيس الراحل صدام حسين. والإدارة الأمريكية هي التي جاءت بحكام العراق اليوم إلى كراسي السلطة ومكنتهم من الفساد وتخريب البلد، لكن ما حدث بالفعل هو أن زعماء هذه الأحزاب جحدوا وارتموا في أحضان إيران، امتناناً لإيوائهم خلال سنوات هروبهم من العراق، وللتعبير عن عمق طائفيتهم، لهذا فتحوا أبواب البلد على مصراعيها أمام الحرس الثوري، ليتدخل في شؤون العراق السياسية والاقتصادية والأمنية، وبذلك أصبح العراق الحديقة الخلفية لإيران.


اليوم يصرخ السياسيون ــ الذين يلقبهم العراقيون بـ«ذيول لإيران»ــ منادين بمعارضة قرارات أمريكا الرامية لمحاصرة إيران وعدم تنفيذها، بل والتهديد بقصف السفارة الأمريكية ومطالبة عبد المهدي بإعلان الوقوف ضد واشنطن وقراراتها، من أجل مصالح الإيرانيين وبدون أن يفكروا ولو للحظة بمصالح العراق والعراقيين.


الحكومة العراقية عليها أن تتصرف بحكمة، وألا تجعل من العراق ساحة الصراع بين واشنطن وطهران، كما عليها أن تنتصر تماماً لمصالح البلد والشعب، وتستغل الفرصة للوقوف تماماً مع الولايات المتحدة لتحد من النفوذ الإيراني في العراق، عكس هذا فإن العراق بلا شك سيذهب أكثر عمقاً في الهاوية.