الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

خريف الملالي.. والصيف الباريسي

في ظل الأحداث الساخنة في المنطقة، تذكرت بعضاً من تفاصيل لقائي مع «رضا بهلوي»، ولي عهد شاه إيران السابق، فقد كانت لنا جلسة مطولة في باريس، الصيف الماضي، وعلى الرغم من أنه في البداية كان يتوجس من هذا الشخص القادم من الضفة الأخرى من الخليج العربي، إلا أنه بمرور الوقت فتح خزائن أسراره وأفكاره، وما يهمني الآن في ذاك الحوار هو ما يرتبط منه بالأحداث الدائرة في المنطقة حالياً، فقد أكد لي: «أن إيران ليست في حاجة للهوس العسكري الذي تعيشه، والأيديولوجيات العدائية، فهي بلد يملك موارد هائلة، وتركيبة سكانية تتيح لها مستقبلاً مستقراً، ولكن بشرط أن تتخلص من نظامها الحالي، وأن تتعاون مع الجيران اقتصادياً لمصلحة الجميع».

حادثة الهجوم على السفن في خليج عمان، وعلى الرغم من أنها لم تتضح معالمها كاملة، فإن البصمة الإيرانية دائماً ما تكون حاضرة تلقائياً في مثل هذه التصرفات، وحينما استدعيت بعضاً من تفاصيل مقابلتي مع بهلوي أدركت أن أهل مكة أدرى بشعابها، فقد أكد لي على هامش الحوار:«أن النظام الإيراني الحالي لم تكن له يوماً بصمة تنموية في أي دولة يتدخل في شؤونها»، وحينها جاء ردي التلقائي: «إن البصمة التنموية، والمبادرات الإنسانية لدول الخليج وخصوصاً الإمارات والسعودية والكويت على دول المنطقة والعالم واضحة»، كان رده بالموافقة على هذا الطرح، وهنا تتجلى فكرة الفارق بين الفكر الإيراني الحالي والنهج الخليجي.

ويحلم بهلوي بزوال النظام الإيراني الحالي، وهو على ثقة بأن البطون الجائعة في إيران سوف تقتلع هذا النظام يوماً ما، وحينها سوف يكون المجال مفتوحاً لعلاقة احترام وتنمية مشتركة بين شعوب المنطقة دون أن يلجأ أي طرف للفكر العدائي، والمكسب الأكبر في هذه الحالة أن دول الخليج وبالتعاون مع إيران الجديدة سوف تفوّت على الدول المستفيدة من هذا الصراع الفرصة، لكي تصبح موارد المنطقة لشبابها وأهلها.


قد تكون مساحات الحلم في فكر رضا بهلوي وفقاً لما دار بيننا أكبر من الواقع المتوتر في منطقتنا، ولكنه يريد أن يرى النموذج الأوروبي في التعاون والتعايش واقعاً يتجسد في منطقتنا، وحينها لا يهم أن نبحث عن هوية الدولة التي سوف تقود هذا التحرك صوب المستقبل، ولن يكون هناك صوت يعلو فوق ثقافة الحياة والتعايش والتسامح، وهي قيم تعمل الإمارات في الوقت الراهن على غرسها وتأكيدها في جميع مبادراتها.