الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ضباب الحرب يخيّم على الخليج

لا تزال سلسلة الأحداث التي يتعذّر تفسيرها تتوالى من دون انقطاع ضمن النطاق المحيط بمياه الخليج العربي، وبدا كأنها تشكّل «ضباب الحرب» الذي بدأ يتكاثف بسرعة فوق مياهه، وهو تعبير سبق أن نطق به المفكّر العسكري البروسي «كارل فون كلاوزفيتز» في القرن التاسع عشر في كتابه (في خضمّ الحرب).

وحدث الهجوم ضد أربع سفن قرب ميناء الفجيرة يوم 12 مايو الجاري بواسطة طائرات مسيّرة «درونز»، وعلى نقطتين من الأنبوب الذي ينقل النفط الخام من المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية إلى ميناء مدينة ينبع على البحر الأحمر، وهو الهجوم الذي نفذته ميليشيات الحوثي وأعلنت مسؤوليتها عنه يوم 14 مايو.

ويشكل ميناءا الفجيرة وينبع ممرّين لنقل النفط الخام من دون التعرّض لنقاط المراقبة والمشكلات الجيو ـ سياسية التي يمكن أن تترتّب على استخدام مضيق هرمز لنقله بعد أن يتم إنتاجه في الخليج العربي.


وتنقل أبوظبي النفط الخام من آبار «حبشان» إلى ميناء الفجيرة عبر الأنابيب، ثم يتم شحنه من هناك بواسطة سفن الناقلات.


ويمكن لهذا الخطّ الفرعي أن يؤمّن لـ «أبوظبي» عنصر الاستقلالية الكاملة وتجنب الحاجة لمرور الناقلات في مضيق هرمز، وهذا ما يجعلها أقل تعرّضاً لنتائج اضطراب وعدم استقرار هذا الطريق التجاري بسبب التغيرات الطارئة للأوضاع السياسية في الخليج، كما أن هذا الخط الفرعي يساعد دول شرق آسيا ـ مثل اليابان والصين ـ التي تستورد وتستهلك كميات ضخمة من النفط الخام، لأنه يوفر عليها مخاطر الانقطاع المفاجئ في الإمداد بالنفط أو الشك في استمرار عمليات التموين به.

ويُذكر أن شركة «سوميتومو كيميكالز» اليابانية أقامت بالتعاون مع شركة «أرامكو السعودية» مُركّباً لصناعة البتروكيماويات على البحر الأحمر أُطلق عليه اسم «بترو رابغ» نسبة لمدينة «رابغ» الشاطئية، وبدأ عملياته الإنتاجية منذ عام 2009.

والسؤال المهم الآن: لماذا تعرّض هذان الأنبوبان الاستراتيجيان لهذا الهجوم المتزامن؟، وهل يمكن أن يحدث هذا التزامن بمحض الصدف؟.. للأسف نحن لا نمتلك الجواب عن هذا السؤال، بالرغم مما يسببه لنا من قلق بالغ.

وأول ما يجب التحقق منه هو: من الذي يقف وراء الهجمات التي وقعت قرب شواطئ الفجيرة؟ وما هو الهدف من هذه الهجمات؟.. وفي حالة الهجمات التي تعرض لها الأنبوب الذي يمتد من شرق السعودية إلى غربها، من الذي تكفل بصنع وبيع الطائرات المسيّرة «الدرونز» التي استخدمت في تنفيذ الهجمات؟.. لا شك في أن حالة التوتر القائمة بين الولايات المتحدة وإيران لن تسمح بإجراء مثل هذه التحقيقات الموضوعية.

وتأمل دول شرق آسيا المستهلكة للنفط مثل اليابان ألا تُستخدم هذه الهجمات ذرائع لتكريس التحدي العسكري الأمريكي - الإيراني، وتصعيده للدرجة التي ينذر معها بنشوب الحرب.

وقد قام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بزيارة مفاجئة إلى اليابان بين 15 و17 مايو الجاري، قابل خلالها وزير الخارجية تورو كونو ورئيس الوزراء شينزو آبي، وتأتي هذه الزيارة بطلب من الجانب الإيراني، إلا أن إعلان اليابان عن قبولها هو تعبير عن مدى قلقها من تردّي الأوضاع في الخليج العربي وضرورة العمل على تجنب حدوث صراع بين الولايات المتحدة وإيران في تلك المنطقة.