الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أزمة إيران: كل الأصابع على الزناد.. ولا أحد يريد الحرب

حشدت الولايات المتحدة قوات هائلة في الخليج، وأعلنت إعادة انتشار قواتها، وسط موجة ضغط أمريكي غير مسبوق على طهران، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. ما جعل أصابع الولايات المتحدة على الزناد بشكلٍ كامل، بينما يعلن البيت الأبيض، بذات الطريقة التي تعامل بها مع كوريا الشمالية، أنه «لا يريد حرباً» لكنه «ينتظر اتصالاً مباشراً لبدء مفاوضات» حول اتفاق جديد، بدلاً من الاتفاق النووي الذي وقعه أوباما وانسحب منه ترامب.

على الضفة الأخرى من الخليج، كانت طهران تعلن تصريحات تفيد أولاً أنها «مستعدة» وثانياً أنها «لا تريد الحرب».

جاءت عملية التخريب لأربع سفن مدنية في بحر عمان، قبالة إمارة الفجيرة، ثم اتهام السعودية للحوثيين باستهداف محطتي وقود أرامكو قرب الرياض، وبعدها التحذيرات الأمريكية لطهران من «ثمن أي تهور»، لتجعل الموقف السياسي متوتراً لأبعد حد.


أما عسكرياً فقيام واشنطن بدفع قوات عسكرية يهدف في الأساس إلى الردع وليس الحرب، لكن هذا أيضاً لا يعني عدم قدرة القوة العسكرية على تنفيذ مهمتها العسكرية الأساسية كاملة.


هنا يجب أن يكون مفهوماً، الفارق الكبير بين الهدف الاستراتيجي السياسي والهدف الاستراتيجي العسكري، فالهدف السياسي للولايات المتحدة هو «التصدي للتهديدات الإيرانية للمصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي، وإجبار إيران على العودة للتفاوض بشأن خطة العمل المشتركة (الاتفاقية النووية) بشروط أمريكية جديدة».

أما الهدف العسكري الذي تحرك به التشكيل الأمريكي فهو «شل قدرات إيران على استخدام كافة أسلحة الدفاع الجوي والصواريخ والأسلحة الجوية والبحرية الإيرانية، وتدمير البنية التحتية الرئيسة» أي أن الأمر عسكرياً، ليس مجرد «مظاهرة بالقوات»، فالأصابع الأمريكية أصبحت بالفعل على الزناد، لكن لا أحد سيضغط على زر الإطلاق إلا وفق محددات واضحة، وأوامر بالتحول من حالة الردع إلى حالة الحرب.

وكيف نفهم الأمر بوضوح أكبر، يجب أن نعرف كيف يتم اتخاذ قرار بإرسال مثل هذه القوات في دوائر صنع القرار العسكري الأمريكي. فقرار مثل هذا ليس عشوائياً أبداً، فقبل إعلان القرار، تعد القيادة المركزية الأمريكية «تقدير الموقف الاستراتيجي» وهو تقدير ضخم يتضمن دراسة كافة المعلومات عن موقف إيران السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي والاجتماعي، وموقف حلفائها السياسيين والعسكريين وأذرعها، وموقف القوى العظمى المضادة كالصين وروسيا ودراسة إمكانية تدخلها سياسياً أو عسكرياً من عدمه، وغير ذلك من تهديدات محتملة.. فضلاً عن دراسة موقف الحلفاء السياسيين والعسكريين لواشنطن في المنطقة. وبناء على كل هذا الكم من المعلومات، يتم تحديد حجم القوات ونوع المهمة وبدء تجهيز وتحرك التشكيل، فهذه إجراءات معقدة وطويلة، فالولايات المتحدة لن ترسل قوات إلا وهي متأكدة تماماً، من قدرة هذه القوات على إنجاز مهامها كافة، سواء الردع، أو حتى التحول إلى إعلان الحرب.

حتى الآن يبدو الوضع في المنطقة، وكأن الجميع أياديهم على الزناد، لكنهم جميعاً يرفعون راية «لا نريد حرباً، ورغم أن القوات الأمريكية مستعدة تماماً، إلا أن أمر الإطلاق هو بالأساس «تكليف سياسي»، لا يزال مستبعداً حتى اللحظة.