الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

المجد للعقول الجديدة

لا يمكن لك أن تطلب مني أن أشاهد فيلماً بالأبيض والأسود.. هذه مرحلة تعديتها منذ سنوات بعيدة، العالم الآن مكتظ بكل الأفلام وبمختلف اللغات، وأنا أجد نفسي ضد كل ما يعيدني إلى الماضي من دون فائدة تذكر، فالعالم خلال كل ثلاثين ثانية يتقدم ويتطور وينتج ويعلن الحرب ويعلن أيضاً السلام.
الثورة التقنية لا تكف عن إبهارنا، ونحن في الحقيقة نمتلئ بالحياة بل نفيض بها، وأحلامنا من دون استثناء تتسع وتمتد، وهل بعد كل هذا تطلب مني أن أقرأ رؤيتك الجديدة في كتب لكبار الكتاب والمبدعين.
فكل أولئك كانت لهم الحياة كاملة في يوم من الأيام، أما الآن فالمجد ليس لهم، المجد الآن للعقول الجديدة والفكر المتجدد، وللإعصار الإلكتروني، المجد أنك تجلس تسترخي في قرية بعيدة لا يعرفها العم غوغل، وتتابع مسلسلك المفضل باللغة الإسبانية على أحد المواقع الشهيرة نظير دراهم معدودة، وهذه الدراهم تمطرك بوابل من الأفلام والمسلسلات بشتى اللغات، حتى تبدأ تشعر بأن البعض يسكنون بداخلك ولا تستطيع أن تغادرهم، بل إنك لا تحتمل فكرة مغادرتهم! أكتب اليوم أفلاماً ومسلسلات للجيل القادم، وأهرب من الماضي فهو لا يستميلني ولا يجعلني أرغب البتة في الوصول إليه، بل إنني أتعذب وأنا أشاهد المسلسلات الخليجية التي تتحدث عن الفقر في ذلك الزمان، الفقر في كل شيء حتى في العقل والروح، أما الآن فنحن جميعاً نعيش حياة ثرية، ليس الثراء بالمال فقط، لكنه الثراء في المحتوى المعرفي والبصري وحتى في مفاهيم الجمال، العالم الآن يجعلك شغوفاً بكل ما يدور حولك، أما الذين لا يريدون أن يخرجوا من عباءة الجاحظ وطوق الحمامة، فهم يموتون مرتين على الأقل.