الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

جوائزنا العربية .. العالمية والإخفاق

كثير من الجوائز، انتقلت في فترة وجيزة، من المحلية إلى العالمية.. خرجت من دائرة سياقها لتنتقل نحو مساحة أوسع: مان بوكر، الغونكور، سيرفانتس وغيرها، انتقلت من دائرتها اللغوية نحو الإنساني الأعم والأشمل.. ماذا تعني عالمية الجائزة؟.

إن الكتاب الفائز أصبح مرئياً على صعيد دولي، وانتقل مباشرة إلى الدائرة الأوسع.. الجائزة تصبح مصدر ثقة بالنسبة للترجمة والقراءة، وربما الانتقال إلى نوبل أيضاً، ومن هنا يأتي السؤال: ما الذي ينقص الجوائز العربية لتصبح عالمية أو قريبة من ذلك؟.. تنقصها أوَّلاً وقبل أي شيء آخر، الدعاية لها كما يجب.. أن تتحول إلى ماركة مسجلة، يكفي ذكر اسمها ليعرف الناس قيمتها.. الدعاية هي خدمة للكاتب ولجائزة حتى لا تبقى في دائرة ضيقة.

خارج دائرة النصابين الكثيرين، هناك مختصون في الدعاية والتسويق، الذين يمكنهم أن يقذفوا بالجائزة بعيداً، ويؤهلوها لتصبح جائزة معروفة محلياً وعالمياً أيضاً، ولا شك أن المستوى المادي الذي تقدمه الجائزة مهم جداً، لكنه لا يكفي وحده.


على الجائزة أن تأخذ بيد الكاتب وتتابعه وتقوده نحو مجالات أوسع، تتعلق بالترجمة إلى اللغات العالمية وتجعل نصوصه مرئية، والتعامل مع كبريات الدور العالمية، التي لا تطلب إلا ذلك، لأن العرب هم أقل الشعوب اهتماماً بأدبهم وترجمته.


الجوائز العربية التي كان يمكنها أن تكبر بأدبائها الفائزين، تخلت عن هذه المهمة، وظلت حبيسة قُطْرِيَّتِها أو قوميتها العربية، الضيقة والمحدودة، وتحتاج اليوم إلى أن تدخل غمار العالمية لأن قيمة النصوص التي تفوز عربياً سنوياً هي أنها ذات قيمة إنسانية حقيقية.

لا يمكن أن ننتظر من الغرب أن يكون بديلاً عنَّا.. يمكنه فعل ذلك تجارياً عندما يصبح الكتاب الفائز مطلوباً من طرفه لندخل في عملية ثقافية تجارية، وهذا يقتضي وجود مؤسسة دعائية حقيقية لها خبرة في مجال الكتاب.

هناك جهود تبذلها المؤسسات التي تمنح الجوائز العربية سنوياً، لكن الأمر لا يزال محدوداً كثيراً.. يجب أن ندرك، كما في كل بلدان العالم، أن الجائزة هي فرصة تمنح للكتاب للظهور والتحول إلى أفضل كتاب يسوق، أو ظاهرة ثقافية.

في غياب الدعاية للكتاب العربي ستظل الدائرة مغلقة عليه، ويجب ألا نفاجأ بأن يظل نجيب محفوظ هو الفائز الأوحد بنوبل، لهذا آن الأوان للجوائز العربية أن ترتقي إلى مرحلة أسمى، وأمر مثل هذا يستحق بعض التفكير العقلاني.

الجائزة أجمل وسيلة للتعريف والارتقاء بنصوصنا وأدبائنا، فهي تضع كاتباً ونصوصاً في المدار بحيث يراهما الكثير المختصين من خلال الترجمة العالمية.

في النهاية، قيمة الجائزة ليست فقط في مكافأتها، وليس فقط في ميزة التفرد والتمايز، ولكن في التحول إلى دافع حيوي ومحفز للكتابة وللخروج نحو عالم أكثر شمولية واتساعاً، ومرافقة بوصفه ثروة وطنية وإنسانية أيضاً، في رحلته الأدبية المحلية والعالمية.