السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

صندوق «النقم» الدّولي !

لم تدفعني شهوة التلاعب بالألفاظ لاستخدام كلمة «النقم» بديلاً عن «النقد»، بل إنها تعني في القاموس «ضربة عدو»، فقد أثيرت خلال الفترة الماضية على نطاق غير مسبوق انتقادات من رجال أعمال في الخليج لسياسات صندوق النقد الدولي IMF، تلك السياسات التي ضغطت على مؤسسات دول الخليج، وطالت مسؤولين ومستشارين لم يقوموا بدورهم في دراسة تجارب سلبية لدول أخرى في تعاملاتها مع هذا الصندوق.

بداية يجب أن يكون الإعلام شريكاً في توضيح أبعاد أي اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي، فهذا أحد أدوار الإعلام، والذي قد يكتشف بعض السلبيات، بما أنه حلقة الوصل بين الحكومات والشعوب، ومن الواضح أننا في الخليج لم نمنح الإعلام هذا الدور.

جانب آخر يتعلق بغياب المستشارين الذين يعملون في الدوائر المالية، ويمثلون الحكومات في التفاوض مع الصندوق عن التفاعل مع الإعلام، هؤلاء لديهم المفاتيح والمعلومات، قد يغيب عنهم أهمية الانفتاح على الإعلام، ثم تظهر الانتقادات التي تثير دهشتهم، وهم في ذلك يتحملون مسؤولية الغياب الاختياري عن التفاعل مع الإعلام، وفي بعض الأحيان لا يتقبلون الانتقادات.


مشهد التعاون بين الدول الأوروبية وصندوق النقد الدولي في سنوات سابقة وما يسفر عنه من احتجاجات تجتاح الشوارع كان يثير دهشتي: لماذا يحتجون؟، وقد أتى الصندوق لمساعدة دولهم، ويبدو أننا الآن ندرك أبعاد اللعبة، فقد أصبحنا نعلم أن هذا الصندوق يفرض شروطاً قاسية، تتمثل في تخفيض الرواتب، وتقليل الوظائف الحكومية، وتخفيض الدعم الحكومي وصولاً إلى منعه، ورفع أسعار السلع، وفرض حزمة من الضرائب، فهل دولنا الخليجية النفطية في حاجة إلى الدخول في هذه الدائرة؟ وإذا كانت هذه ضريبة إجبارية للانفتاح على العالم، فهل نملك القدرة على الصمود في وجه هذا الطوفان من الشروط الجائرة؟، ونحن لدينا الثقة في أننا دول تتمتع بقواعد اقتصادية قوية ولسنا مثل الدول الغارقة في الديون، سؤال آخر يطرح بقوة: هل نستطيع التعامل مع صندوق النقد الدولي بشروطنا؟، لكي لا نخرج من دائرة التعاون مع العالم، وفي الوقت نفسه لا نترك لأي مؤسسة دولية الفرصة للتحكم في مستقبلنا.


ومن حيث بدأنا نعود لدور الإعلام، ونسأل: هل يستطيع الإعلام بعد أن يتجاوز معضلة الحصول على المعلومة، أن يقدمها للقارئ بشكل بسيط بعيداً عن تعقيدات المصطلحات القانونية والاقتصادية؟.. نحن جميعاً شركاء في حماية مجتمعنا والحفاظ على استقراره في مواجهة «صندوق النقم الدولي».