الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

فجوة مهنية في حوكمة التكنولوجيا

دوائر حوكمة التكنولوجيا، في جانبنا من العالم، مملوءة بفجوات عدة، لكن بعضها أكثر إشكالاً من غيره، فهنالك على سبيل المثال فجوة مهنية في عملية صنع وتطبيق السياسات المتعلقة بالنُّظم التكنو ـ اجتماعية، تتمثل في أن أولئك الذين يصنعون ويصوغون السياسات ليسوا عموماً أهل خلفية تقانية، بينما أولئك المناط بهم تطبيق تلك السياسات في أرض الواقع ليسوا عموماً أهل خلفية سياسات (أي معرفة بعملية وضع السياسات وموجّهاتها وأهدافها)، والكثير يضيع في أثناء عملية التواصل «والترجمة» بين هاتين المجموعتين.

الحوكمة الرشيدة للتكنولوجيا - من فهم المشكلات إلى تصميم الحلول الإدارية /‏‏ السياسية المناسبة إلى تطبيق السياسات - في أي مستوى من مستويات العمل تواجه تحديات مرتبطة بهذا الأمر (على مستوى المنظمات وعلى المستوى العام وحتى القُطري)، تجمعها كيفية ضمان التواصل الكفؤ والفعال بين صانعي السياسات ومطبّقيها.

بينما قد نجد عند المجموعتين الأهداف المرجوة نفسها، إلا أن «أهل السياسات» و«أهل التقانة» يتحركون في فضاءين مختلفين، بموجّهات مختلفة وأدوات مختلفة.. هذا الوضع يجعل قنوات التواصل المعتادة بين المجموعتين مملوءة بسوء الفهم، وسوء النقل، وبعض الصراعات.


ثقافتا عمل أهل السياسات وأهل التقانة تتباينان بصورة كبيرة في الجدول الزمني، واللغة، والخلفية الأكاديمية، ونوع المحفزات، فعلى سبيل المثال، وفقاً لذلك فإن مهمة نقل مسائل سياسية، تخطيطية وإدارية معيّنة من أهل السياسات إلى أهل التقانة، بصورة تضمن الفهم والفعالية، مهمة حرجة.


باختصار، «هنالك جانب من مشكلات السياسات تكون التفاصيل التقانية فيها ذات أهمية ماسّة، بحيث أن الفشل في اعتبار تلك التفاصيل والنظر الجاد في محتواها يمكن أن يقود إلى نتائج غبية أو لا تستحق الاحترام»، كما جاء على لسان أحد الخبراء النادرين في هذا المجال، وهنالك اليوم انتباه وسط بعض مدارس الهندسة والعلوم لأهمية تجهيز خرّيجين بخلفيات تقانية، ويستطيعون التعاطي مع قضايا سياسية /‏ ‏إدارية تتضمن تفاصيل تقانية.

مجال حوكمة التكنولوجيا بحاجة ماسّة لفاعلين قادرين على التخاطب بكلا اللغتين، التقانة والسياسات، وقادرين أيضاً على رؤية العناصر التي تنسج دربها بين اللغتين.

بعض المنظمات المهمة على الصعيد الدولي في مجال التنمية، مثل برنامج الأمم المتحدة للإنماء ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، تقول إن معظم مشكلات التنمية التكنولوجية إنما هي مشكلات سياسات، ويمكن حلها عبر السياسات الصحيحة.