الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الجودة

كثر استعمال مصطلح الجودة في مؤسساتنا التعليمية وغيرها، وأصبح الحصول على الجودة شرطاً ضرورياً لاستكمال تلك المؤسسات لدورها المنوط بها، ويشيع أن ثقافة الجودة ثقافة مستوردة من الحضارة الغريبة، وهذا محض افتراء. فالإسلام هو أساس الجودة ومنشأها والداعي لها والمؤكد عليها، والجودة في اللغة: «جَادَ الشيءُ جُودة وجَوْدة أَي صَارَ جيِّداً، وأَجدت الشيءَ فَجَادَ، والتَّجويد مِثْلُهُ».

وتجويد العمل أياً كانت طبيعته من أهم أسباب الدعوة إلى الله، وهذا ما يسمى بدعوة السلوك. إن ديننا هو دين التمام والكمال، قال تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» (المائدة)، تلك الآية التي تمنى اليهود نزولها عليهم ليقيموا لها عيداً؛ احتفاء بها وتعظيماً لأمر الدين التام الكامل.

إن ديناً اتّصف بهاتين الصفتين حريٌّ بأتباعه أن يكونوا من أهل التمام والكمال في دينهم وسائر شؤونهم، وعندما تتأمل أن الإحسان هو أعلى مراتب الإيمان تراه يعني الجودة، وقد عرفه رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله: «أنْ تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» أي أن تجعل من نفسك ومن ضميرك مراقباً عليك في كل شؤونك لا تنتظر رقابة مدير أو مسؤول، وسبحان الله تعالى القائل: «صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ» (النمل)، هو المحكم للأمور، المتقن لها.


ولا عجب من ذلك فهو جل وعلا البديع، ووضع الإسلام للجودة سبلاً وطرقاً، على رأسها محبة الله تعالى لمن يتقن عمله، ففي الحديث «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ»، ثم الدعوة للعلم والمعرفة، وكفى بكلمة اقرأ كأول آية يوحى بها دليلاً على أهمية العلم، كذلك النهي عن فعل شيء دون علم به: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» (الإسراء)، ولا بد من اقتران العلم بالعمل «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»(التوبة)، وجعل الشورى من الأسس والمعايير المهمة للجودة، فهي أساس نجاح كل شيء «وشاوِرْهم في الأمر»، والعمل بروح الفريق؛ حيث دعا الله تعالى إلى التعاون: «وتعاونوا على البر والتقوى»، ودعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تحمل المسؤولية وبيّن أننا جميعاً مسئولون كلٌّ فيما يخصه، «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، هي دعوة في شهر الجُودِ أن يُجَوّد كل واحد منا عمله، وأن يعلي من قيمة دينه وإسلامه.الإسلام أساس الجودة ومنشأها والداعي لها والمؤكد عليها