الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

لماذا يركز العرب فقط على خلافاتهم؟

انتهيت من كتابة هذا المقال قبل أن تبدأ القمة العربية والخليجية التي عقدت في وقت متأخر ليلة البارحة وأنشره قبل أن تنعقد القمة الإسلامية اليوم. والسؤال البسيط الذي أريد أن يصل إلى المجتمعين في مكة في هذه القمم التاريخية الثلاث هو: هل يمكن أن نركز على نقاط الاتفاق بيننا بدلاً من التركيز على نقاط الخلاف؟

فيبدو لي أن هذا هو جوهر الوضع المتردي الذي يعيشه العرب اليوم، وهو عكس ما كان في أوقات كثيرة في الماضي حين كان العرب يترفعون عن التركيز على اختلافاتهم ويركزون على ما يجمعهم وعلى ما يتفقون عليه، لذا كنّا نتجاوز كثيراً من الأزمات بأقل الخسائر.

في العقدين الماضيين، وبشكل أكبر في العقد الأخير أصبح العرب لا يبحثون إلا عن ما لا يتفقون عليه ويعمل كل طرف على كشف وعرض أخطاء وإخفاقات الطرف الآخر، وكلٌّ له أخطاء وإخفاقات وسوءات.. وهذا ما أوصلنا إلى حالة أصبحنا نجد في أعدائنا ما يمكن أن نتفق معهم عليه ولا نرى ذلك في أشقائنا وأهلنا!


هذا الوضع يكشف عن خلل كبير ومشكلة حقيقية، فمن الذي نجح في أن يزرع الفرقة بين الحكومات العربية لدرجة نسيانهم أنهم شيء واحد مهما اختلفوا ومهما تصارعوا، فالحقيقة الكبرى أننا أمة واحدة وإن كنّا نعيش أسوأ مراحل الفرقة والتشرذم والصراع.. فلن تكون لا إيران ولا تركيا ولا إسرائيل ولا حتى أمريكا في يوم من الأيام أقرب إلينا من أبناء جلدتنا، بل على العكس، فهؤلاء هم أكثر المستفيدين من تفرقنا وأكثر من يمكن أن يعمل على صب الزيت على النار حتى لا تستقر منطقتنا وكل طرف منهم له أسبابه السياسية أو الأيديولوجية أو الاقتصادية أو العقائدية.


سيتغير حال دول المنطقة كثيراً لو بدأنا من هذه القمم بالتركيز على ما يجمعنا وتغاضينا عما يفرقنا ولو لحين، ولنتذكر دائماً بأن الدول والحكومات ستبقى مختلفة دائماً وأبداً فهي تنظر إلى مصالحها، أما شعوب الأمة الواحدة فهي تبقى قادرة على تجاوز الخلافات.

فهل يمكن أن تتحقق هذه المعادلة البسيطة ونبدأ من جديد بالتركيز على ما يجمعنا وغض الطرف عما يفرقنا ولو لحين حتى نتجاوز هذه المرحلة التاريخية الصعبة؟ أتمنى ذلك وخصوصاً أن المجتمعين يلتقون في مكة المكرمة وأمام الكعبة المشرفة وفي شهر رمضان!