الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الحب في الله

جميل أن يسود الحب بين الناس عامة، وبين المسلمين خاصة، وأن يكون خالصاً لوجهه الكريم، فلا تُبنى المجتمعات القوية إلا على الحب والتآخي وترك التشاحن، والتماس الأعذار وحسن الظن وطيب المعاملة. ولعظم أجر المحبة في الله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللهَ يقولُ يَوْمَ القِيَامَةِ: أَيْنَ المُتَحابُّونَ بِجَلاَلِي، اليَوْمَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي، يَوْمَ لَا ظِلَّ إلا ظِلِّي» (مسلم)، ما أجمل أن نكون في ظلال عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله جل وعلا! وعند تحققها سننعم بمحبته تعالى لنا، جاء في الحديث أن رجلاً زار أخاً له، فأرسل الله تعالى له ملكاً ليسأله عن علة زيارته، هل زاره لحاجة عنده؟ فقال: بل لأني أحبه في الله، عندها بشره المَلَكُ بأن الله تعالى يحبه كما أحب أخاه في الله، وأي غاية أعظم وأشرف من نيل محبة الله ورضوانه! وزادت البشرى للمتحابين في الله بأنهم مع من أحبوا يوم القيامة، حيث روي أن رجلاً قال: «يا رسول الله، متى السَّاعَةُ؟ قَال: وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟، قَال: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إلا أَنِّي أُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ، قَال: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»(متفق عليه).

وقد أوجب الله محبته للمتحابين فيه، ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: «وَجَبَتْ محبَّتي للْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، والمُتَجَالِسِينَ فيَّ، والمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، والمُتبَاذِلِينَ فِيَّ»(رواه مالك)، وإن المرء ليعجب من أن مكانتهم عند الله يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء، أي يسعدون بها ويرجونها، وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم: «قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرَوحِ الله عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وإِنَّهُمْ لَعَلَى نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزنونَ إِذَا حَزِنَ النَّاس»، وقرأ هذه الآية: «أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (يونس) رواه أبو داود، والحب في الله من أوثق عرى الإيمان، ما أحوجنا لنطهر قلوبنا ونجدد علاقتنا ببعضنا البعض على أساس خالص لله متجرد له بعيداً عن المصالح وحاجات الدنيا، متطلعين إلى محبة الله تعالى ورضوانه والتنعم بظله سبحانه يوم لا ظل إلا ظله، دعوة لنبذ التشاحن، ويكفي أن ليلة القدر أخفيت عن الأمة بسبب تشاحن رجلين فقط، وأن أعمال المتخاصمين لا ترفع إلى الله، فما بالكم بأثر الشقاق والهجر الذي أصاب العلاقات الأسرية والمجتمعات! من أراد أن يقبل صومه فليطهر قلبه من غير المحبة.