الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أمريكا.. ودولتها العميقة

أمريكا.. ودولتها العميقة
يشير مفهوم الدولة العميقة إلى وجود جهات وقوى وأجهزة حكم غير منتخبة، وغير خاضعة للمساءلة، كالمؤسسة العسكرية والأمنية والجهاز المدني البيروقراطي، وجماعات نافذة ولوبيَّات وشركات وشبكات اقتصادية ومؤسسات إعلامية وغيرها، تحاول أن تؤّثر في أجهزة الحكم والإدارة السياسية المنتخبة بغية تحقيق أهدافها ومصالحها، ويطلق عليها أحياناً حكومة الظل وأحياناً الكيان الموازي أو الحرس القديم أو دولة داخل دولة.

في هذا الإطار فإنّ الولايات المتحدة تحكم من قبل لوبيات هي جزء من الدولة العميقة، حيث يوجد فيها (357) لوبياً رسمياً، أهمها وأخطرها سبعة لوبيات هي: لوبي التبغ، والزراعة، والسلاح، والدواء والحديد والصلب، والنفط، واللوبي الصهيوني، كما تم الحديث كذلك عن حصة الشركات العابرة للقارات في القرار الأمريكي، ومن ثم في القرار الدولي وهكذا.

بدأ الحديث أكثر عن هذا الموضوع في الولايات المتحدة مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وقد سبقه حديث عن جود حكومة خفية تقف وراء الستار لها تأثيرعميق في برامج وخطط الحكم هناك.


من المفارقات أنّ الدولة العميقة هي التي خطّطت لوصول ترامب، وهي من وضع برامجه، وهي من يسنده، وفي الوقت نفسه، فإن جزءاً من هذه الدولة العميقة هو من يحاول أن يؤّثر في إدارته وقراراته ويعطل بعض سياسياته.


ومرد هذا التناقض هو أنّ عمل الأجهزة المختلفة في النظام الأمريكي الرسمي والخفي يتم بصورة معقدة وليس من السهل الإحاطة به، حيث يجري أحياناً صراع بين أجهزة الدولة المنتخبة نفسها، مثل: الكونغرس والبيت الأبيض، وبين أجنحة الدولة العميقة مثل: البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية، فإدارة دولة عظمى مثل الولايات المتحدة، ومن ثم إدارة العالم بأكلمه ليس بالأمر العادي ويكتنفه كثير من الغموض.

ومما لا شك فيه أنّ الدولة العميقة في الولايات المتحدة موجودة، بل ومتسيِّدة ومسيطرة، وهي تعمل أحياناً كواجهة خلفيّة سريّة وأحياناً كرافعة أمامية علنيّة، ومن الصعب معرفة كيف يتم بناء السياسات الأمريكية واتخاذ القرارات داخلها وخارجها، وكيف يدار العالم إلاّ بمعرفة كيف تعمل هذه الدولة العميقة، وما هي خطوطها المتداخلة وشبكاتها النافذة وآليات عملها المعقدة.