الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

قصة «صفقة القرن»

يكثر الحديث هذه الأيام عن ما يعرف بصفقة القرن، وهو مشروع أمريكي غامض لإعادة ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط، وخاصة لجهة حل الصراع العربي الإسرائيلي والمشكلة الفلسطينية، والتمكين لدخول إسرائيل المنطقة من عدة أبواب، أهمها: الباب الاقتصادي والمالي واللوجستي والتفاهم الأمني، وانتهاء بالسياسي والاستراتيجي.

حيث ستتم فيها تهيئة الساحة والمنطقة للتحكّم الإسرائيلي المقبل، وإحداث تطبيع كامل مع الدولة اليهودية بعد أن فشل التطبيع الشعبي سابقاً، والذي هو شرط للتطبيع الكامل، فكان لا بد من توتير الساحات العربية والوصول بها إلى درجة التأزم والفشل وإغلاق جميع آفاق الحل، ليكون الكيان الإسرائيلي بكل ما في جعبته من إمكانات ومشاريع وثقل دولي وعلاقات ببعض دول المنطقة هو طاقة الفرج لهذه الساحات ولهؤلاء الشعوب، فتم إفقار هذه الساحات بانتظار هذا القادم والمالك الجديد، بعد أن يتم إفهام الشعوب أن لا حل لمشاكلكم إلاّ عبر هذا المشروع.

سيتم فيها كذلك تغيير بعض الحدود، وتبادل بعض الأراضي، وتأجير بعض المناطق، وشراء بعض الأماكن والمواقع، وإقامة المشاريع المشتركة الكبرى، ومحاولة تغيير الخارطة الاقتصادية والاستثمارية والسياحية واللوجستية في المنطقة، خاصة في دول الطوق ومن حولها، وبالطبع فمعظم ذلك لمصلحة إسرائيل.


الأردن اليوم هو أفضل مثال لمعرفة ماهية وحقائق وتفاصيل ما يعرف بصفقة القرن، حيث يتم تأزيم جميع المجالات فيه، والوصول فيها إلى درجة الانغلاق والفشل واليأس، ليتم بعدها تقديم عروض إنقاذ أمريكية وإسرائيلية مشبوهة ضمن ما يعرف بصفقة القرن على مقاس الراعي والمقاول.


لحين الإعلان الرسمي عنها فقد تم المضي فيها بخطوات كبيرة علنية وسرية، مثل: تكبيل بعض الأطراف العربية كالأردن ومصر باتفاقيات قانونية وفي مجالات عدة، يكون بالطبع الفكاك منها شبه مستحيل.. كذلك تهيئة بعض الساحات العربية لذلك عن طريق إيجاد أطراف ووكلاء وشركاء من سياسيين ونخب ورجال أعمال ومتنفذين وجماعات مصالح.

يبقى السؤال هل سينجح كل ذلك؟.. الجواب عند الشارع العربي، فالشعوب هي من يملك القدرة على تمرير ذلك وإجازته أو منعه وتعطيله، القرار للقاع الاجتماعي بعد أن سلّمت بعض نخبه الفوقية أمورها للتوجهات المقبلة.