الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

حروف العِلَّة.. في حروب الأهلَّة!

يبدو، والعلم عند الله سبحانه وتعالى، أن رؤية هلال رمضان، أو هلال شوال أو كل الأهلة، صارت الشأن الداخلي الوحيد لكل دولة عربية، والعلامة الوحيدة الدالة على السيادة والاستقلال ورفض التبعية.. فلكل دولة هلالها المستقل، بل إن لكل فئة أو طائفة في الدولة الواحدة رمضانها وشوالها وحجتها.

وتوحيد الأهلة ضد الاستقلال والسيادة، وأيّ دولة عربية لديها هلالها، والمعارضة لديها هلالها المضاد للنظام. أيضاً لا سبيل إلى توحيد الأهلة، فنحن مختلفون في الرؤية الشرعية وفي الفلك، لأن لكل فئة شرعها وفلكها، وتعدد الأهلة وتضاربها يؤكد تعدد الإسلام، فكما لا يوجد هلال واحد.. كذلك لا يوجد إسلام واحد، فهناك ألف هلال وألف إسلام ولا أحد يدري أيها الحق والصواب.

المهم في الأمر أن نختلف ولا نأتلف، فالسيادة عند العربي في الاختلاف والتبعية في الاتفاق.. والعربي يرفض تدخل العربي في شؤونه الداخلية، لكنه يقبل تدخل غير العربي في ملابسه الداخلية.


والعربي أسد على العربي ونعامة في مواجهة غير العربي.. والعربي فعل معتل وليس فعلاً صحيحاً أبداً، وعندما يدخل عليه العربي الآخر يتمسك بحرف العلة ولو كان خطأ، وعندما يدخل عليه غير العربي يحذف حرف العلة، وعلينا إذا أردنا الشفاء الميؤوس منه أن نعترف أولاً بأننا مرضى.


نحن مرضى بالتطرف والتعصب والغلوّ في الأمر وضده.. إما إفراط حتى السماجة أو تفريط حتى الانحلال والفوضى، ونحن أيضاً نواجه التطرف بالتطرف ونواجه الغلوّ بالغلوّ ونواجه التشدد بالتراخي، ونواجه الهلال بهلال مضاد.

المواقيت والأهلة والأيام والأزمات صارت شأناً داخلياً عند العرب.. نسخّرها للسياسة التي لا نحيدها ولا نعرف عنها سوى أنها كذب ومناكفة ومماحكة.

نحن نحتكر الكذب ولا نحتكر الحقيقة.. فعندما يكون الجميع على حق يكون الجميع كاذبين.. والذي يود أن يفهم ما يجري في أمة العرب عليه أن يضرب رأسه في كل الجدران من المحيط إلى الخليج.. العرب يخوضون حرباً عبثيه في كل مجال.. حتى ضربنا موعداً سنوياً مع حرب الأهلة، وتلك هي حروف العلة!