الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

قانون كلام الناس

في هذه الحياة نؤثر ونتأثر، وهذا شيء طبيعي ومألوف وليس مستغرباً أو جديداً، ولكن السؤال الذي لا يطرح ما هي المؤثرات التي تلبست بنا بسبب من يشاركوننا المكان سواء داخل الأسرة أو في مقر العمل أو في غيرها من أجزاء المجتمع؟ الذي يقول أنه معزول عن مثل هذه الحالة أو في حماية عنها أو أنه لا يتأثر بشيء هو واهم ويخادع نفسه؛ حالات تأثيرنا في بعضنا البعض عديدة ومتنوعة مثل ما يحدث في مجالسنا ولقاءاتنا الاجتماعية التي تطرح فيها مواضيع متفرقة وتقع خلافات في الرأي هنا واتفاق ووئام هناك، هذه الجلسات سواء مع الصديقات أو القريبات أو نحوهن هي عينة مصغرة لواقع اجتماعي أكبر ولحياة محملة بالتأثير المتبادل تأثير يمس قراراتنا وما نفكر فيه، بل لها تأثير حتى في أولوياتنا في الحياة، سأضرب مثالاً أكثر دقة حول ما عرف بيننا بكلام الناس، مفهوم – كلام الناس – أليس نوعاً من التأثير الصارم الذي يصل لتسميته بالرقابة الاجتماعية وكأنه طوق يجب مراعاته، رغم أنه ليس قانوناً يمكن أن نعاقب عند تجاوزه ولا يحمل أي مساءلة من الجهات الرقابية أيا كان تخصصها.. ورغم هذا – كلام الناس – ماثل ورادع، وفي أحيان يكون له دور تعسفي يسبب التوقف عن فعالية ما أو التوقف عن تنفيذ مشروع خوفاً من كلام الناس، رغم أن هذه الفعالية أو المشروع لا يوجد فيهما ما يستدعي التوقف أو الإلغاء.. أليست هذه الحالة تأثر بالآخرين؟ ألا تعتبر منافية للمنطق والعقل ورغم هذا نضعها أمام أعيننا وكأنها سياج يمنعنا أو يحد على الأقل من تفاعلنا وإبداعنا في الحياة؟!..

إن كان من كلمة عزاء أسوقها فإن الخشية من - كلام الناس - والتوقف عنده ومراعاته، ليست طارئة أو جديدة على واقعنا الاجتماعي، بل هي ضاربة العمق في الزمن، فهذا هو الشاعر الإنجليزي المتوفي عام 1616م وليم شكسبير، يقول: «حياة يقودها عقلك، أفضل بكثير من حياة يقودها كلام الناس»؛ عندما نترك الكلمة لعقولنا فإن التأثير السلبي للآخرين يتلاشى ويختفي، وإن كان لا بد من تأثير الآخرين علينا فليكن إيجابياً تختاره عقولنا.