السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

عَمَّ الدَّاء وعزَّ الدَّواء!

عَمَّ الدَّاء وعزَّ الدَّواء!
يقول الأديب والمفكر الروسي الكبير ليو توليستوي: إن اختراع مئة نظرية أسهل مئة مرة من تطبيق نظرية واحدة.. والعرب أكبر مخترعي النظريات والأفكار والتحليلات بلا تطبيق في العالم كله، هم دائماً أطباء تشخيص لا أطباء علاج.. عباقرة في تشخيص الأدواء، وخائبون جداً في وصف العلاج.

تشعر وأنت تحاور العربي بأنه يمتلك حلاً لكل مشكلة ودواء لكل داء، وتفاجأ بأنه قادر على شم رائحة الآخرين الكريهة، لكنه فاقد تماماً حاسة الشم إذا تعلق الأمر برائحته هو.

العرب ليسوا قوم فعل ولكنهم كانوا دائماً قوم رد فعل، حتى رد الفعل العربي أصبح عاجزاً مشلولاً، ولا يتعدَّى التحليلات والتأويلات وربما الإدانة والإشادة، وليس عند العرب بدائل لما يرفضون إذا رفضوا وليس لديهم آليات تنفيذ وتطبيق لما يقبلون إذا قبلوا، كأن هذه الأمة جثة فوق مشرحة تعمل فيها المشارط والمباضع ولا تبدي حراكاً.. كأن هذه المساحة من المحيط إلى الخليج معمل دولي والبشر فيها فئران تجارب للحلول والأفكار والأسلحة.


يؤلمني جداً قول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن جوريون، ومصدر الألم أنه قول حقيقي وهو أن «العرب قوم لا أمان لهم ولا خوف منهم»، فالذي لا يمتلك قراره ولا مصيره ويبقي ريشه في مهب الريح، لا أمان له ولا خوف منه.


نحن قوم لا نملك البدائل ولا الدلائل لذلك يقتل بعضنا بعضاً إذا اختلفنا، ونرضخ لإرادة الآخر كأنها قضاء وقدر، ونعلق الخيبات على مشجب المؤامرة، ولا تكاد تسمع أو تقرأ لدى العربي بديلاً لما يرفض ولا دواء لداء يتفنن في تشخيصه.

لقد كثر فينا تجار الموت الذين يكدسون الثروات بالقتل والتدمير وتحليل ما يجري، ويقال دوماً ومنذ قديم الزمان إن العربي ثابت في الفتنة خامل في الجماعة، بمعنى أنه لا يظهر إلا في الشر والتفرق ولا تكاد تراه في خير أو جماعة وقد مر سيدنا عمر، رضي الله عنه، بقوم تجمعوا حول رجل يؤخذ في ريبة أي يقام عليه الحد، فأشاح بوجهه، وقال: لا مرحباً بتلك الوجوه التي لا نراها إلا في الشر.

وليكن ما نكتب جلداً للذات، فالذات الخاطئة تستحق الجلد حداً، فقد عمَّت الأدْواء وعزَّ الدواء!