الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الندم والتراجع

القرارات التي نتخذها في مختلف جوانب حياتنا لها وقع وأثر مدوٍ على مسيرتنا، والذي يدعو للدهشة أن حياتنا برمتها تتشكل وتنمو وتستمر وفق قرارات متتالية نتخذها، حتى يمكن التخيل أن اتخاذ قرار ما عبارة عن عملية يومية مستمرة، بمعنى أن كل شأن من شؤون الحياة وكل مرحلة وكل خطوة وكل مهمة، هي ببساطة متناهية قرار بطريقة أو أخرى.. ووفق هذه الآلية تصبح قراراتنا أنواعاً وأقساماً: فهناك القرارات المعتادة والمتكررة والتي تكاد أن تكون يومية، وهناك القرارات الجديدة والتي لم يسبق أن مرت بنا من قبل وتتطلب البعض من التروي والتأمل والتفكير، وهناك القرارات المصيرية والتي تحدد المستقبل والمسيرة الحياتية برمتها، وهذا النوع تحديداً يتطلب توفر عدة جوانب معرفية وعلمية لاتخاذه، لأن الخطأ فيه يعد مكلفاً وذا ثمن باهظ، وهناك أنواع أخرى.. في المجمل فإن اتخاذ القرار عملية ليست سهلة، حيث يكتنفها الغموض وتسبب الحيرة أو المخاوف ويلجأ البعض للتأجيل والتسويف، وهو في الحقيقة يهرب من اتخاذ هذا القرار إما لخشيته من النتائج أو لأنه لا يستند على معلومات تفيده وتساعده وتشجيعه، ورغم ما يظهر للبعض أننا أناس عفويون ونتخذ قراراتنا وفق هذه العفوية إلا أن هناك صعوبة لدى شريحة واسعة في التوجه نحو حسم موضوع ما يحتاج للحسم والفصل فيه، وذلك من خلال إصدار قرار نهائي حوله.. تقول السيدة أميليا إيرهارت، والتي تعد رائدة في مجال الطيران ومؤلفة وكاتبة «أصعب شيء هو اتخاذ قرار أما بقية الأمور فلا تحتاج إلا صلابة».

هذه الكلمات توضح لنا جانباً من عملية اتخاذ القرارات في مواضيع حيوية وهامة وحساسة، حيث يصبح القرار فيها على درجة عالية من الصعوبة، وتكمن الصعوبة عند التفكير في عدم جدوى القرار أو فشله أو تحقيقه نتيجة عكسية أو نحوها من المخاوف التي تجعل عملية القرار صعبة وقاسية.. في هذا السياق فإن قراراتنا لا تعرف مرحلة عمرية محددة أو سناً معيناً، فحتى الأطفال وهم يلعبون يتخذون قرارات قد يندمون عليها، وهو ما يعني أن عملية الندم ومحاولة التراجع ليست حكراً أو حصراً على الكبار فقط.