الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الثأر بالنجاح

لم يعد هناك تشكيك أو ظنون بأن الإنسان يتغير شكلاً ومضموناً، أما من حيث الشكل فهذا واضح وماثل ولا يحتاج لدليل ولا لإقناع فللزمن سطوته وللتقدم في العمر ثمنه، أما من حيث المضمون فأشير إلى الآراء ووجهات النظر وتغير الأولويات وتبدل الاهتمامات. تبادرت إلى ذهني هذه الجوانب وأنا أستمع لصديقة كانت تحدثني عن معاركها الحياتية، وأنها حققت نجاحاً مدوياً وكبيراً عندما اجتازت كلية الطب وتخصصت وأصبحت طبيبة محترفة، رغم أنف كل من كان يشكك في قدراتها أو يقلل من قوة عقلها، ولأنني كنت قريبة وتربطني بها صداقة منذ سنوات دراستها أعرف تماماً من هم الذين تشير إليهم بأنهم حاولوا إحباطها وكسر عزيمتها، وقد يفاجئكم أنها تشير إلى أقرب الناس في أسرتها، وقد أبلغتها أن ما أتذكره هو أنهم (أسرتها) كانوا يدلون بوجهات نظرهم خشية أن تكون سنوات دراسة الطب طويلة عليها ومتعبة، وهذه مبرراتهم ومخاوفهم ولم يكن هناك أي محاولة لكسر حماسها ولا للتقليل من إمكانياتها. ردت علي وهي تضحك قائلة: «النجاح الحقيقي هو أفضل أنواع الثأر». ورغم أن هذه المقولة ليست في مكانها الصحيح ولا هذا توقيتها الأنسب، إلا أنها أيضاً ليست من أخلاق المنتصرين ولا من قيم الناجحين. مرّ بنا الكثير من قصص النجاح والتميز لأناس تربعوا على القمة ولكنهم تناسوا العواصف والآلام وركزوا على لحظة فوزهم فتواضعوا وازدادوا رغبة في خدمة الناس. المقولة التي أوردتها هذه الصديقة تنسب إلى فرانسيس سيناترا، وهو مغن أمريكي كان واحداً ممن تربعوا على هرم الشهرة أواخر ثلاثينات القرن الماضي، ورغم هذا لا تعتبر كلماته مثالاً وقدوة لعدم مطابقتها للحال والموضوع. أسوق هذه القصة لعدة غايات منها أننا يجب أن نتعلم التناسي والتغاضي ونلتمس للآخرين العذر ونبرر لهم خاصة عندما يكونون من أسرتنا الصغيرة. ومن الأهمية أيضاً تعلم التواضع عند تحقيق الفوز والانتصار والنجاح لأنه من دون فضيلة التواضع في هذه اللحظات يفقد النجاح رونقه ومكانته، وهناك جانب يتعلق بالوفاء وهو عدم نسيان من شجعوا ودعموا ليتحقق النجاح والتفوق.