الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

هل فشلت صفقة القرن؟

مشكلة صفقة القرن أنها بدت وكأنها خدعة واستمرت وكأنها لغز! فمنذ اليوم الأول للإعلان عنها وهي شيء غامض وحتى عقد ورشة البحرين الاقتصادية في اليومين الماضيين بقي شيئاً غامضاً، فقد بدأت وكأنها «الصفقة» الكبرى التي ستحل القضية الفلسطينية التي استمرت أكثر من سبعة عقود فتحولت إلى «فرصة» للحل، كما عبر عنها كوشنر في افتتاح ورشة العمل في البحرين، لتنتهي على أنها «ورشة» عمل حضرها بعض الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال العرب والإسرائيليين، لتنتهي ليلة البارحة بنتيجة سلبية، فكل ذلك الزخم الإعلامي والحديث الكبير عن الحل اصطدم بغياب طرف الحل الآخر، وهو الطرف الفلسطيني الذي رفض الفكرة من أساسها.

هل تسرع كوشنر في الوصول إلى حل لهذه القضية التي تساوي ثلاثة أضعاف عمره تقريباً، فاعتقد أنها مشكلة بسيطة يمكن حلها بخمسين مليار دولار! لذا قام بزيارات مكوكية وانتقل بين عواصم العالم والتقى بالرؤساء والزعماء والمؤثرين في القرار العربي والعالمي وضغط على أصدقاء الولايات المتحدة لدعم هذا المشروع، وعلى الرغم من أن الكثيرين لم يكونوا يَرَوْن مؤشرات لنجاح هذه الصفقة إلا أن الضغط الأمريكي والرغبة في المحاولة جعلاهم ينخرطون في هذا المشروع بغض النظر عن احتمالات فشله.

يكشف تصريح كوشنر بالأمس أن «مؤتمر البحرين يظهر أن مشكلة الشرق الأوسط يمكن حلها اقتصادياً، وسنعلن خطة للحل السياسي عندما تكون جاهزة» أنه يفكر كأي رجل أعمال فهو يعتقد أن أي مشكلة في هذا العالم يمكن حلها بالدولارات، فبالمال تنتهي الأزمات، وهذا المنطق غير صحيح عندما يرتبط بحق الشعوب، وعندما يرتبط بالتاريخ وبالأرض، فلا خمسين مليار ولا 100 ولا 200 تعني شيئاً لأم فقدت ابنها ولا لشعب سلب أرضه، فما حدث في هذه الصفقة أنه تم وضع العربة أمام الحصان فتعطل كل شيء، فالحل السياسي كان ينبغي أن يسبق الصفقة الاقتصادية أو يرافقها، فحينها «قد» تتحرك الأمور بشكل يرضي جميع الأطراف.


بعد هذه المحاولة الكبيرة التي باءت بالفشل، ربما يقرر الشاب كوشنر أن يعود إلى أعماله التجارية ويركز على مشاريعه العقارية بدلاً من أن يشغل نفسه بهذه القضايا الكبيرة التي يضيع فيها الكبار فما بالنا بالصغار، وإذا كانت ثمة توصية يمكن أن يخرج بها فهي تذكير الولايات المتحدة بأنها إذا كانت جادة وتريد حلاًّ للصراع في فلسطين فبين يديها ومنذ عام 2002 مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، وهي الأقرب للمنطق والأكثر قبولاً من أغلب الأطراف، أما الإصرار على فرض حل ما على طرف، وتقديم الهديا لطرف على حساب الطرف الآخر، فهذا غير مُجدٍ ولن يحقق أي نتيجة.