الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

التواضع والتعلم

البعض لديهم تضخم في الذات وفي الأنا، يعطون أنفسهم درجة عالية من الأهمية، وقد يمتد هذا الشعور بالبعض إلى درجة الظن أنهم محور لكل شيء ودونهم تتوقف الفعالية وأن الآخرين لا يحسنون صنعاً إلا بوجودهم، في اللحظة نفسها ترفض هذه الفئة أي فائدة قد تأتيهم من الآخرين، فما يتم تسميته خطأ ثقة في النفس تمنع عنهم الإصغاء أو الإستماع لأي صوت، وهم بهذه الممارسة يحرمون أنفسهم من معلومات وخبرات عظيمة وفي غاية من الفائدة، دون أدنى شك يعتبر مثل هذا السلوك مدمراً لصحابه، ومع مرور الوقت سيزيد الإفلاس وتتدنى الفعالية وتنعدم المعرفة، لأنه لا يتم تنميتها بالمعلومات ولا بالخبرات فهو يرفض أن يستفيد من الآخرين، وهكذا نجد أن السلوك المحمل بالغرور يمنع صاحبه من الإصغاء للتجارب والاستفادة من خبرات من سبقوه، لأن كل ما يراه النقد السلبي والذي يأتي مباشرة دون أي دراسة وفهم للموضوع؛ على الجانب الآخر نجد أن أكثر المبدعين والمبتكرين من العلماء والمدراء والقادة الاجتماعيين ونحوهم دائماً يتحدثون عن الفوائد العظيمة التي يكتسبونها من الآخرين فهم لم ينظروا لشهاداتهم العالية ولا إلى مكانتهم العلمية ولا إلى ما بين أيديهم من معارف ومعلومات، بل تجدهم شديدي التواضع أمام أي فائدة ومعلومة مهما كان مصدرها.. لعل الكلمات التي قالها الأديب والفيلسوف والشاعر الأمريكي الراحل رالف والدو إمرسون، توضح هذا الجانب خاصة وهو من الشخصيات العلمية المعروفة، حيث قال: «كل إنسان أصادفه لا بد أن يفوقني من ناحية أو أخرى ولذلك أحاول أن أتعلم منه»، وهذا بالضبط الذي يفترض علينا جميعاً أن ندركه وهو التزود بالمعلومة أياً كان مصدرها، دون تحفظ أو وضع شروط ومقاييس، يجب أن ندرك أن العلوم مشاعة والمعلومات شديدة التنقل وقد نجد عند الآخرين ما ينقصنا والذي نحن في أمس الحاجة لمعرفته.. ولعل أبسط كلمة تقال في هذا السياق هي التواضع، يجب أن نتواضع في مختلف شؤون حياتنا ومختلف مفاصلها، خاصة عند التعلم وعند اكتساب المعرفة، فدون فضيلة التواضع والتقبل لن نتمكن من التعلم.السلوك المحمل بالغرور يمنع صاحبه من الإصغاء للتجارب والاستفادة من الخبرات