الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الرَّكض نحو الكواكب

البرامج التلفزيونية الرياضية تجري في عادتها مقابلات مع الجمهور قبل دخوله إلى الملاعب، تسأله أسئلة معلبة ومكررة، على شاكلة: كم تتوقع نتيجة المباراة؟ وفي الآونة الأخيرة بدأ الجمهور يظهر ليضحك الجميع بتوقعاته.

لكن لنترك تهكمات المشجعين الشباب وغيرهم، ولنتوقف أمام المذيعة بطيئة الفهم، التي أجرت لقاءات، مؤخراً، مع أطفال، جاؤوا لتشجيع منتخبهم في الملعب الرياضي، السؤال كان: «لمن تتوقع الفوز؟»، فأجابها أحدهم: «ثلاثة لصالحنا وواحد لصالح المنتخب المنافس».

هنا انتفضت المذيعة لتقول للطفل: «ولماذا يأتي لشباك منتخبنا هدف، إن شاء الله لا يحدث هذا!»، وحينما جاء الطفل الآخر الذي كان واقفاً مراقباً لما يحدث، أجاب المذيعة ببعض القلق: «يا رب يفوز منتخبنا عشرة - صفر»، هنا اتسعت ابتسامة المذيعة.


الإعلام لا يزال في وطننا العربي يحبو بطريقة تدفعك للبكاء في كثير من الأحيان، مثل هذه المذيعة التي تفرض على الطفل أن ينمو بداخله معنى التعصب الرياضي، وأنه لا يحق للآخرين أن يحققوا نجاحاً، وأنه يفترض أن يكون النجاح على الدوام للمنتخب الأم.


يحتاج الإعلام لدينا إلى ثقافة أخرى، ثقافة تنقله من محطة على الأرض إلى قارة فوق الكواكب الأخرى، أن يكون هو إلهامنا نحو الانفتاح والتمدن والنهضة الفكرية، أن نحرص على أن يكون الجيل القادم أكثر عمقاً مما نحن عليه الآن، المدن الضبابية التي نعيش بداخلها علينا أن نتخطاها بشيء من المرونة وعدم النظر إلى الخلف.

شاشات التلفزيون الفضائية، وحتى ما يقدم عبر برامج «اليوتيوب»، دراماتيكية لأبعد حد، وللأسف هي تشكل المجموع العقلي للشعوب، ولكننا أكثر الشعوب تعلقاً بالتفاهات وعدم القدرة على الركض رغم كم المساحات المشاعة أمامنا.