الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

منصات التّواصل.. والنسيج الاجتماعي الهندي

منصات التّواصل.. والنسيج الاجتماعي الهندي

د. مجيب الرحمن

لقد أضحت منصات التّواصل الاجتماعيّ مثل «واتساب، فيسبوك، وإنستغرام»، معول قطعٍ أكثر من كونها أداةَ ربطٍ مجتمعية في الوقت المعاصر الحديث؛ إذ تؤكّد حوادث العنف الطّائفيّ في الهند، دورها الخطير المتزايد والمتصاعد في تأجيج واستجلاب العواطف الدّينيّة، ونشر خطاب الكراهية ضدّ الآخر المختلف، وتأجيج الاستقطاب الطّائفي، بنشر الشّائعات والأخبار المزيفة المُختلقة، التي تدفع إلى تعميق الشرخ في المجتمع الهنديّ، الذي يعجّ واقعاً بالانقسامات الدّينية والاجتماعيّة دون حاجة إلى فعلٍ مُقسم.

آخر حوادث الاستقطاب الدّينيّ جرّاء انتشار الأخبار المفبركة في الهند، كانت إثر مشاجرة بسيطة بين مسلم وهندوسّي، اشتعلت على خلفيّة صفّ دراجة ناريّة في منطقة «لال كوان» في دلهي القديمة، والتي كادت أن تؤدّي إلى مجزرة طائفيّة تأكل المُذنب والبريء على حد سواء، لولا جهود عقلاءِ الطّائفتين في نزع وقطع فتيل الحادث، لانقلبت الواقعة إلى معركة طاحنة في منطقة ذات كثافة سكانيّة جد عالية، ولسقط المئات دون أن يعرفوا ما الذي حدث فعلاً أو يصلوا إلى السبب الحقيقي، رغم أنهم عاشوا معاً في وئام كامل منذ قرون طويلة.

حول هذه الحادثة، أفادت التّقارير الصّحافيّة، أنّه عقب المشاجرة، انتشرت شائعة أولى على واتساب كالبرق، مفادها: أنّ رجلاً مسلماً قُتل على أيدي حشد من الهندوس، مما دفع حشداً آخر من المسلمين، إلى التّجمهر أمام مركز الشّرطة، وقذف الحجارة على معبد هندوسيّ.


في الجهة المقابلة، انتشرت شائعة مضادة بخبر رئيس.. المسلمون أحرقوا معبداً هندوسيّاً، فيما لم تُشر الشائعتان إلى حادثة ركن الدراجة لا من قريب ولا من بعيد!


تأججت واُستقطبت المشاعر بين الطّائفتين، وألبت الهندوسي ضدّ المسلم والعكس، وكاد الوضع أن يخرج عن السّيطرة، لكن لحسن الحظ تدخّلت لجنة صُلح الطائفتين، فنجحتْ في استتباب الأمن، وإطفاء نار الفتنة.

هذه الحوادث التي لا تترك وقتاً لتبين صحتها من عدمها، تُنبهُنا إلى مخاطر منصّات التّواصل على السِلم الاجتماعيّ في بلد متعدد الأعراق ومختلف مشارب الدين كالهند، كما تؤكد أنّ حوادث الاستقطاب الطّائفيّ، يمكن منعها، إذا تكاتفت جهود الشّرطة ورجال الطوائف بالحكمة من أجل السّلام العام.

ولا يفوتني ذكراً، أن نّواب البرلمان الهنديّ نبهوا الحكومةَ، إلى مخاطر سوء استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وطالبوا بفرض قيود صارمة وضابطة، لما باتت تمثله من قنابل موقوتة قد تستعر وتنفجر في أي لحظة.. فصورة قد تفتك بالآلاف من الأبرياء، ورسالة أو منشور قد يشعلان حرباً لا تنطفئ.