الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

القراءة والكتابة في العصر الرقمي

لطالما شكت الدول والمجتمعات من عدم إقبال أفرادها على القراءة والمطالعة ونحوه، وخصوصاً في عالمنا العربي، وتلك قضية معروفة ومشهورة، وقد بحثت ونوقشت كثيراً من قبل المختصين، وزاد من إشكالية هذا الأمر دخولنا ما يعرف بالعصر الرقمي وفضاء الشاشات والعوالم الافتراضية، حيث هُجِر الورق بكتبه وصحفه ومنشوراته، وأدّى ذلك إلى وسم الجيل الحالي بعدم القراءة، والرأي السابق صحيح لكنّه غير دقيق، فالفرد اليوم يقرأ وبكميات معينة ولفترات زمنية محددة، ولكن من الشاشة الإلكترونية سواء كانت شاشة الهاتف النقال أو الشاشات اللوحية، وأصبح كذلك يشاهد ويكتب ويتفاعل وينقد وينشر ويستطيع إنشاء مدوناته وصفحاته ومواقعه وحساباته الخاصة، ولك أن تتصور كم نقرأ اليوم من على الشاشات من دراسات وأخبار، وكم نحمّل من كتب متاحة إلكترونيا، وكم نشاهد من الفيديوهات المحتوية على أحداث وتقارير ومحاضرات وبتواريخ مختلفة، وكم نكتب ونعلّق ونحاور ونسأل ونجيب في الشاشة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي.

اليوم يستطيع الفرد أن يطّلع على ما يشاء من الكتب ويتابع الأخبار ويبحث ويدخل على ما يشاء من الاختصاصات، ليس هذا فقط، بل إنه يستطيع أن يكتب ما يريد من أفكاره وقناعاته وقصصه وتجاربه، بعد أن كان يدوّنها قديماً في أوراق سرية أو دفاتر توضع في الأدراج، أو يكتبها على الأسوار والجدران وجذوع الشجر.

ولك أن تأخذ من نفسك عينة وتحاول أن ترصد من أول استيقاظك وحتى نومك كم حجم ومساحة ما تقرأ وتكتب وتشاهد، خاصة من هاتفك الخاص، لتجد أنّها كمية ليست ببسيطة سواء أكان ذلك في الشبكة المعلوماتية (الإنترنت) أو مواقع التواصل الاجتماعي.


نعم، للكتاب الورقي حميميته وتأثيره على التركيز والحفظ والنقد والعمليات الدماغية، كما دل كثير من الدراسات على ذلك، وللكتابة الورقية كذلك رونقها ومهاراتها وتأثيرها، وأنا من أنصار ذلك، لكن القول بأنّ الفرد في هذه الأيام لا يقرأ ولا يكتب ولا يتفاعل ولا ينشر، ربما كلام غير دقيق، فالعالم الرقمي سهّل ويسّر لنا ذلك وساهم بنشر الثقافة والمعرفة للفرد من خلال ما يطالعه ويشاهده ويكتبه من وعلى شاشاته.