الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

المفاهيم عندما تتحول لقانون

يقال إن الإنسان كائن اجتماعي، ولا مفر من التسليم بهذه الحقيقة لأنها شديدة الواقعية، فنحن منذ نعومة أظفارنا نعيش في تجمع يبدأ من الأسرة إلى مختلف تفاصيل حياتنا، وخلال هذه المسيرة لن تجد مكاناً للانفراد أو البقاء وحيداً، مؤسسات اجتماعية مثل المدرسة أو في بيئة العمل حتى خلال مشيك في الشارع أو تجولك في أحد الأسواق التجارية، جميعها أماكن ومواقع يتواجد فيها آخرون، ومع هذه الحالة لا سبيل ولا منفذ إلا بالاندماج والتفاعل وأي سلوك آخر سيتم تفسيره مباشرة بأنه رفض لهذه الطبيعة البشرية ومعها سيتم تقييمك وإصدار الأحكام ولا غرابة أن تسمع بأنك معقد أو بأنك مريض نفسياً، وقد يكون عند الآخرين مبرر بالغضب أو الزعل عندما تتجاهلهم، ولكن ماذا لو كان تجاهلك في محله وفي مكانه بل هو تجاهل صحيح، للمزيد من التوضيح أسوق لكم مثالاً في بيئة العمل، عندما يجتمع مجموعة من الموظفين لتناول طعام الإفطار الذي يمتد لوقت طويل يتم استقطاعه من ساعات العمل الرسمية، ثم نجد أحد الموظفين يرفض هذا النهج ويتجنبهم ويتجنب الجلوس معهم، ويفضل أن يتناول طعامه على مكتبه وينتهي منه في غضون بضع دقاق فقط ثم يعود لإكمال مهام عمله، مع مرور الأيام سيصبح هذا الموظف منبوذاً في بيئة العمل من زملائه ويتم إقصاؤه وإسقاط كلمات مثل معقد أو شايف نفسه ونحوها.. ما الذي حدث؟ الذي حدث هنا أن مجموعة من الموظفين يظهر لنا أنهم طبيعيين يصدرون أحكاماً ضد موظف واحد، يظهر لنا بأنه منعزل وانطوائي ويعاني من مشكلة نفسية، لأنه يخالف الرتم الاجتماعي العام، لكن الحقيقة هو لا معقد ولا مريض ولا انطوائي، بل هو يسجل موقفاً ومبدأ بأن بيئة العمل مخصصة للإنتاجية وتقديم الخدمات والتطوير.. الذي أريد توضيحه في هذا السياق أن التسليم بالعادة المجتمعية أو بطبيعة اجتماعية ما ليست مبررة للتمسك بها حتى تصبح قانوناً ضد الممارسة الصحيحة، لقد تطور الفكر البشري ومعه تطور حتى مفهوم الكائن الاجتماعي، وباتت هناك متطلبات ملحة تتعلق بالابتكار والإنتاجية ولها الكلمة العليا.