الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التجربة الكردية في السياسة العراقية

تراجعت قيادة إقليم كردستان العراق عن فكرة الانفصال بعد الاستفتاء الذي أجري في 25 سبتمبر 2017 حول حق استقلال الإقليم، بل إن رئيس الإقليم الجديد، نجيرفان بارزاني، ومنذ استلام سلطاته التشريعية قبل أقل من شهر، يحاول وبجهد واضح إصلاح العلاقات مع الحكومة الاتحادية في بغداد وإعادتها الى أفضل مما كانت عليه في السابق.

المعروف عن نجيرفان بارزاني إصراره على البقاء مع العراق وضد انفصال الإقليم عن البلد الأم منذ أن كان رئيساً لوزراء إقليم كردستان، وكان غالباً ما يردد: «نحن عراقيون وموجودون فوق أرض العراق منذ آلاف السنين».

في لقاء سابق لي مع بارزاني، الرئيس الحالي للإقليم، تحدث معي بلغة عربية سليمة، ثم سألني: «كيف وجدت لغتي العربية؟».


أجبت: «جيدة .. إنك تتعلمها بسرعة وأنا أعرف الأسباب، يبدو أنك تخطط للترشيح لرئاسة حكومة العراق».


أجاب بارزاني: «أليس من حقي؟ أنا مواطن عراقي والدستور منحني هذا الحق».

بل إن الدستور منح أكراد العراق الكثير من الامتيازات التي حُرم منها بقية الأكراد في تركيا وإيران وسوريا.

العراقيون، كشعب لم يتعاملوا يوماً مع الأكراد باعتبارهم شعباً آخر، بل تصاهروا معهم واعتبروهم جزءاً مهماً من فسيفساء المجتمع ومكوناته الإثنية الأخرى، التركمان والآشوريين.. إن الامتيازات السياسية والثقافية والاجتماعية التي حظي بها أكراد العراق تدفع أكراد الجوار للضغط على حكوماتها لنيل بعض هذه الحقوق، ففي تركيا كانت اللغة الكردية وحتى وقت قريب ممنوعة من التداول، ويطلق على الأكراد هناك تسمية «أتراك الجبل»، وفي إيران تتعامل السلطات مع الأكراد بقسوة شديدة، وفي سوريا حرمهم النظام من تسميتهم «أكراد»، ومن الحصول على وثائقهم الرسمية، وفي مقدمتها جوازات السفر.

التجربة الكردية في السياسة العراقية مختلفة تماماً، فالأكراد يمثلون ما يقرب من 60 مقعداً في البرلمان، و3 حقائب وزارية إحداها سيادية .. المالية! ولهم 17% من عموم الميزانية العراقية، والأكثر من هذا أن رئيس الجمهورية من القومية الكردية.

لأكراد العراق حكومتهم وبرلمانهم وحياتهم السياسية المستقلة، كل هذا يجعلهم مؤثرين في الحياة السياسية العراقية ككل، بينما ليس لحكومة بغداد أي شيء في إقليم كردستان، ولا تستطيع أن تؤثر في أي قرار بالعاصمة الكردية أربيل.

هذه قوة في أن يبقى الإقليم جزءاً لا يتجزأ من العراق الحقائق تدركها جيداً القيادة الكردية وفي مقدمتهم نجيرفان بارزاني الذي يتمسك بقوة أن يبقى الإقليم جزءاً لا يتجزأ من العراق.