الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الأم وفن الممكن

الهاجس السنوي عند كل أب وأم، ويتكرر في كل عطلة صيفية تمر بنا، هو في كيفية تمضية الأبناء وقت العطلة غير القصير فيما يعود عليهم بالفائدة والنفع، وكما هو معروف توجد عدة أنشطة ومراكز صيفية تقيمها وتنظمها البعض من الجهات ضمن برامجها لخدمة المجتمع، وهناك أيضاً أنشطة صيفية تقام وفق الربح المادي وتقدم برامج تدريبية متنوعة وتبقى أسعارها ومدى الاستفادة من برامجها التدريبية محل نقاش وحوار.. خلال هذه الأوقات ليس مستغرباً أن تسمع من يافع في مقتبل العمر كلمة ملل أو شكوى من الضجر، والحقيقة أن هؤلاء اليافعين لم يتم إرشادهم نحو الطريقة المثلى لاستغلال وقت فراغهم بما يعود عليه بالنفع والفائدة، ولو أمعنا النظر جيداً، فإننا سنجد أنه فعلاً لا يوجد لديهم متسع من الوقت للشعور بالملل أو الفراغ، المشكلة أنه لم يتم تعليمهم ولا تدريبهم على كيفية انتهاز فرصة العطلة الصيفية وكيفية تخطيط وقتهم، معظم أبنائنا يقضون ساعات وقت الفراغ في أنشطة مكررة ومعادة ولا جديد فيها، مثل مشاهدة فيلم ما أو اللعب بلعبة إلكترونية، ومن هنا نسمع شكوى الضجر أو الملل، الجانب الآخر مسؤولية كل من الأم والأب عن مثل هذه الحالة، فلم يقدما لهذا اليافع أي توجيهات وإرشادات مثل أين يقضي وقت فراغه وأي الأنشطة يمارسها للاستفادة واكتساب الخبرات، إحدى الأمهات يتمتع أطفالها بثقافة موسوعية ويملكون الكثير من المعلومات الحياتية، سألت عن الطريقة التي أتبعتها لتعليمهم وتثقيفهم، فقالت: أطفالي كانوا كأي أطفال لديهم شغف بمشاهدة التلفاز ومتابعة الأفلام، فانتهزت فرصة هذا الحماس والشغف، وقمت بتحويلهم تدريجياً لمتابعة الأفلام الوثائقية ومنها للأفلام العلمية، حتى أصبحت جزء من تعليمهم وتثقيفهم .. هذه الأم قامت بعمل يسمى فن الممكن، لم تستسلم ولم تقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد هدر كل هذا الوقت الثمين، فعملت على تقليل الخسائر قدر المستطاع، وكل واحد منا مهما كبر أو صغر لو أمعنا النظر فإنه سيجد عدداً من المهام والواجبات التي تتطلب العمل والإنجاز في انتظاره، وأطفالنا يحتاجون للتوجيه والإرشاد والتدريب في كيفية المحافظة على وقتهم الثمين.