الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الثقافة الجماهيرية.. والإنسان الجمهور

الثقافة الجماهيرية محورها الجمهور كما أنها تمثل ثقافة الحاجيات، وتهدف إلى تغيير سلوك الفرد عبر دائرة معقدة من الأفراد، تتحكم بهم مجموعات أو دول، تكون محصلتها النهائيــة (قتل العقل)، وأول طعم لهذه الثقافة الجماهيرية هو إخبار الناس بما يودون سماعه، واستحضار الأكاذيب لخلق واقع جديد يفرض على الفرد قيماً واتجاهات وقناعات وأنماطاً سلوكية.

ومن العوامل المساعدة لهذه الثقافة الجماهيرية التعليم الحديث، وأيضاً التقني، وهذا التعليم يعتمد على الفكر أكثر مما ينبغي ويقلص الجانب الإنساني كثيراً في منهجه، ويعلم الطالب مبادئ القراءة والكتابة والكيمياء والفيزياء وغيرها من العلوم الطبيعية، ويغفل عن تعليم الطالب خلال سنوات التحصيل كيف يصبح إنساناً خيراً وأميـناً، وفي هذا السياق يقول لينين: «يجب ألا يكون التعليم أو الثقافة محايدين أو موضوعيين» من ناحية أخرى، يقول المفكر الإسباني جوزيــه أورتيجا: «عند تحويل الأفراد إلى جماهير يتحوَّلُون إلى وحدات مجهولة الهويـــة، لا وجهة لها أو مجموعات من الناس فقدوا شخصيتهم وتقلصوا إلى مجرد كتلة غير متميزة المعالم.. إن الإنسان الجمهور هو الناتج النهائي لحضارة بدون ثقافة».

الملاحظ أن الإنسان والحرية في الغرب هما محور الثقافة، وأن الإنسان الحر قادر على الوقوف وحيداً، متحدياً كل سياسة وأيديولوجية تخالف حريته دون تدخل من الدولة، لكن هذه النظرية البريئة تلاشت بعد وجود الولايات المتحدة في كوريا خلال حرب عام 1950، وانشقاق آلاف من الجنود الأمريكان وتحولهم إلى المعسكر الاشتراكي، كما أنه خلال حرب الفيتنام ما بين عامي 1955 و1975 استغل اليسار في الولايات المتحدة الأمريكية الثقافة الجماهيرية، وكان له تأثير كبير خلال تلك الفترة، ودفع السياسيين في الغرب لتبني نظرة الثقافة الجماهيرية من وراء الستار، وكانت التجربة الأولى في استغلال للغرب للثقافة الجماهيرية في ربيع براق عام 1968، حيث كان النجاح الباهر لهذه الثقافة في إسقاط المعسكر الشرقي عام 1990م وأصبحت منذ ذلك التاريخ ثقافة القطب الأوحد.


لا شك أن الاشتراكيـــة منهَجَت الثقافة الجماهرية، ووضعت لها الأسس والنظريات، لكن تبقى كلمات لينين عن الثقافة والعلم تكتب من جديد بحبر الغرب وأقلام الفيسبوك والتويتر والواتساب والإنستغرام واليويتوب.