الاحد - 13 أكتوبر 2024
الاحد - 13 أكتوبر 2024

فقرنا المعرفي في التعامل مع العقول الصغيرة

عندما نريد حقاً أن ننهض بعقولنا وطريقة تفكيرنا، يجب أن نكدّ ونتعب ونبذل المجهود تلو المجهود في الوصول إلى مفاصل الحقائق، التي من شأنها تغيير مساحات كبيرة في حاضرنا ومستقبلنا ومستقبل أبنائنا. نعم، الحقيقة تقول بكل تجرّد ووضوح، الحقائق مراتب ومستويات، فهناك حقيقة تجعل يومك أسهل، وحقيقة توفّر عليك نصف ساعة من الوقت المهدور، لكن هناك حقيقة أخرى تجعلك مُنتجاً ومفيداً وصانع تغيير حقيقي في مجتمعك قد يمتدُّ لعقود وقرون من الزمن! هل تتساوى الحقائق؟ كلا بالطبع. ما الذي نعرفه عن عقول الأطفال؟ لا أعني أبداً ما الذي «سمعناه» أو «ذكرناه» من الأحاديث والمعلومات والآراء، بل أعني رصيدنا المعرفي الحقيقي المستند إلى أدلة وبراهين علمية معاصرة مُجرَّبة؟ أعتقد أن نسبة عظيمة منّا رصيدها في هذا المجال بالكامل يعتمد على «قالوا .. يقولون .. سمعنا .. قال حكيم ذات مرة»! وهذا رصيدٌ عشوائي تماماً قد تجد فيه كل أنواع الإيجابيات والسلبيات ممتزجة بشكل عبثي تماماً، قد تظنون أن هذا مجرّد رأي أو وجهة نظر منفعلة ناجمة عن مواقف واجهتها أو عرفتها! لكن الحقيقة أن النتائج وحدها هي من تؤكد كلامي! عشرات الشكاوى من الأهالي ترمي باللوم على أبنائهم وعلى مدارسهم، وكثير منها على «هذا الزمن» وكأن الأطفال في الأزمنة السابقة كانوا أشبه بالملائكة! عندما يقول الأب لابنه «أنت غبي وستبقى طوال عمرك غبياً»، ثم يستشيط غضباً من نتائج ابنه السيئة في المدرسة، ويلقي باللوم على المدرّسين والمنهج وابنه بالطبع، بأي منطق يُفكّر! عندما تتجرأ الأم وتقول لابنتها «أنتِ دميمة .. لا تعترضي على قدر الله»، ثم تستغرب انعزالية ابنتها وانعدام ثقتها بنفسها وظهور بوادر الاكتئاب عليها، ما الذي يدور في عقلها بالضبط؟إذا كنا على مستوى الكلمات المختارة في الحديث مع أبنائنا بهذا المنطق! فماذا عن تنمية عقولهم ومخيّلتهم وإبداعاتهم؟ وقبل هذا كله .. كيف سنكسب ثقتهم ومحبّتهم كي يمنحونا تصريحاً بالتأثير فيهم! أمامنا الكثير من العمل بالفعل.