الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«صابرين».. نحن صابرون

«صابرين».. نحن صابرون
مثّل رحيل الفنانة والإعلامية «صابرين بورشيد» في ريعان شبابها حزناً متجدداً على كل من رحلوا بمرض السرطان، الذي يحصد في كل يوم عزيزاً لدينا، ومع التسليم بقضاء الله والاعتراف بأن السرطان لا يزال متمرداً على العلم والأبحاث إلا أننا ليس لدينا سوى طريق واحد وهو أن نستمر في دعم الأبحاث، التي تتعلق بعلاجه بكافة الطرق الممكنة.

لقد بلغنا درجة من الرفاهية في دول الخليج يحسدنا العالم عليها، إلا أن هناك ملفات بعينها لا تواكب هذه الدرجة من الرفاهية، وعلى رأسها تكاتف المجتمعات والدول الخليجية لمقاومة ذعر الأورام السرطانية، نريد دعماً مالياً مجتمعياً حقيقياً لأبحاث الأورام السرطانية يجعلنا نشعر بعدم التقصير وبأننا نفعل ما يتوجب فعله.

قد يكون هذا الدعم لمستشفياتنا ومؤسساتنا التي تعالج الأورام، وقد يكون الدعم المالي موجهاً لكيانات بحثية وعلاجية عالمية، حينها سوف نكون قد قمنا بدورنا تجاه العالم وتجاه أنفسنا.


ما يلفت الانتباه حقاً أن ملايين بل مليارات تجمعها الجمعيات الخيرية في الدول الخليجية، وهي رافد مهم لدعم المجتمع، إلا أن غالبية إنفاق هذه الجمعيات يتم توجيهه لبناء المساجد وحفر آبار المياه وغيرها من وجوه العمل الخيري والإنساني، وبالبحث والتدقيق نكتشف أن للأمر علاقة بنصوص دينية تحث على بناء المساجد وهو أمر محمود، ولكن نحن الآن في أشد الحاجة إلى تجديد الخطاب الديني الذي يقنع هذه الجهات، ويقنع فئات لا يستهان بها في مجتمعنا الخليجي أن علاج السرطان والباركنسون وغيرهما من الأمراض التي تخطف أعزاء على قلوبنا هو عمل خيري وإنساني أيضاً، حتى لو لم يكن هناك نص ديني صريح، فالأمر في هذه الحالة يعتمد على القياس وليس النص الديني.


رسالتي إلى «صابرين» رحمها الله أننا سوف نظل «صابرين» حتى تتغير ثقافة مجتمعنا الخليجي ويصبح أكثر قدرة على مواجهة مشاكله الحقيقية دون أن يعصف بثوابته الدينية والمجتمعية، الأمر لا يحتاج أكثر من سعة الأفق، وتضامن المجتمعات والحكومات ورجال الأعمال لكي نسجل جميعاً بصمة خليجية حقيقية في دعم أبحاث السرطان سواء خليجياً وعربياً أو عالمياً.

سوف يحاسبنا التاريخ وتحاسبنا الأجيال القادمة على أننا نملك المال ولم نتمكن من توجيهه لمقاومة رعب يترصدنا اسمه الأورام السرطانية، أعلم أن هناك جهداً حكومياً ومجتمعياً وجهداً فردياً من رجال الأعمال، ولكننا نتعهد يا صابرين بأن يكون للأمر أولوية أكبر وجهد أعظم في المرحلة المقبلة.