الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الشعارات لا تصنع الرفاه

ليس خافياً أن المجتمعات التي تعيش في مستوى اقتصادي مرتفع أو حتى متوسط تعيش في اللحظة نفسها حركة تعليمية نشطة، ودون أدنى شك في أن التعليم واحد من أهم مؤشرات الازدهار في أي مجتمع، ولا يمكن أن تجد حركة اقتصادية نشطة وتنمية قوية دون أن يكون التعليم حاضراً وبقوة، والحال نفسه ينطبق على مجالات أخرى لا تقل أهمية مثل الرعاية الصحية والاجتماعية التي تقدم للناس.

هذا يقودنا نحو الأهمية القصوى للرفاه الاقتصادي والنمو المعرفي والتنمية المستمرة في أي مجتمع، وجميعنا نعلم أنه لا يمكن تحقق هذه المنظومة المهمة التي هي رافد للكثير من الجوانب المعيشية دون توفر عدة أسباب جوهرية منها الاستقرار المجتمعي والانسجام والتركيز على الإنتاج والعمل والبعد عن كل ما يشتت الجهود ويهدر الوقت والجهد، والذي يسبب خسائر كثيرة منها الخسائر المالية.

وهناك سبب آخر يتعلق بوضع الخطط والاستراتيجيات البناءة الطموحة، وأكاد أجزم بأنه لا يوجد بلد في العالم إلا ولديه عدة خطط واستراتيجيات، ورغم هذا لا يتم تحقيق أي نجاح اقتصادي ولا مشاريع تنموية تلبي احتياجات الناس، والسبب يرجع إلى عدم واقعية تلك الخطط وابتعادها عن المناخ العام والظروف التي تحيط بهم، عندها لا يكون هناك أي صدى على أرض الواقع، وتبقى خططاً على الورق دون أن تنتقل للتطبيق والتنفيذ.


لا يمكن أن تطلب الازدهار الاقتصادي وأنت في بلد مشتت بالفرقة وتتعدد فيه الخطابات التي تذهب بالناس عدة اتجاهات وتجعل من المجتمع الواحد مجتمعات متنافرة متضادة، ثم تطلب إنتاجاً قوياً ومستمراً، ولا يمكن أن تجد مجتمعاً متحزباً ومتوتراً وغير متسامح وتسوده لغة الترهيب والقسوة ونمو الكراهية ثم تطلب الازدهار التعليمي والرعاية الصحية والاجتماعية.


الاقتصاد القوي يحتاج للاستقرار وشواهد على أرض الواقع من الانسجام والعمل وقوانين واضحة نافذة، والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية ونحوها جميعها ستنمو وتكبر وتقوى في البيئة السليمة التي تهيمن عليها روح العمل والتخطيط وتسود فيها لغة القوانين والتشريعات، متطلبات التفوق والرقي الحضاري: الاستقرار والابتكار والإنتاج وهي جوانب لن تتحقق بالشعارات الرنانة وإنما بالعمل والإنتاجية.