السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لماذا تدمير العراق؟

إن المتتبع للحال الذي وصلت إليه دولة العراق اليوم من تدمير ممنهج ومدروس بدأ منذ عقود سابقة عبر حصارات واستهدافات إلى احتلالات وغيرها، يرى بوضوح وجود خطة مسبقة ومعدة لتدميره وتقطيع أوصاله وتقسيمه والعبث بنسيجه الاجتماعي، وإيصاله إلى دولة فاشلة وإعادة تركيبه من جديد حسب منطق القوة، ومن ثم جعله نموذجاً مُدمَراً يُحتذى به ويعمم على بقية بلدان المنطقة.

الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أو بآخر نجحت في تدمير العراق بمساعدة عدة دول، وبتوافق مع الرؤية الإسرائيلية حول شكل الواقع السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي للمنطقة العربية مستقبلاً، حيث تخطط كل منهما لشرق أوسط جديد حسب مزاجهما ومصالحهما، تتم صياغته عبر تفكيك وتقسيم السابق وإعادة تركيبه إثنيّاً وسياسياً وجغرافياً واقتصادياً بحسب الخطة التي تخدمهم، والقاضية بتنصيب إسرائيل حاكماً للمنطقة، لذا كان لا بدّ من إحداث صدمة مدوية وعنيفة وشاملة في المنطقة عبر احتلال وتدمير إحدى بلدانها المحورية حتى يسهل بعد ذلك تدمير ما تبقى من المنطقة، حيث دشّن تدمير العراق كما يقال «حفل تدمير» شامل.

إن العبث بعد تدمير بلاد الرافدين حسب المنظور الأمريكي يعتقد أن بلدان المنطقة ستبدأ بعد ذلك بالتساقط والتناثر، حيث كانت الخطة الأمريكية ومن خلفها الإسرائيلية تقتضي البدء بالعراق لثقله العسكري والاستراتيجي والجغرافي، وكان ذلك بشكل عسكري ميداني مباشر ليتم بعدها قطف الثمار، باعتبار أنّ دول المنطقة ستبدأ بعدها بالدخول طواعية إلى المطبخ الأمريكي، وهكذا كان لا بد من ضرب المراكز حتى تتساقط بعدها الأطراف تباعاً، ليس بالشكل التقليدي وإنّما بصِيغ تراجعٍ وتسليم مختلفة.


الولايات المتحدة امتلكت العراق بعد تدميره لدرجة أنّها كما قيل: «سجّلته باسمها»، خاصة أنّ خطة غزوه واحتلاله وتدميره كانت مدعومة بتصور أسطوري، ديني، مسيحي، وصهيوني عبر تحالف المحافظين الجدد مع الحركة الصهيونية.


إن الغريب والعجيب أنّ مسلسل التدمير الممنهج للمنطقة العربية، استمر بعد مأساة العراق بنفس النتائج لكن باختلاف الطرق والأساليب من الحروب والصراعات والاستهدافات مثل ما يعرف بـالحرب على الإرهاب، وحروب الوكالات، والحروب الإقليمية، والاستقطابات المختلفة، والاختراقات الإسرائيلية، والحروب الاقتصادية، ورهن المنطقة بالأكمل لرؤى وخطط أمريكية وغربية وإسرائيلية تجعل مستقبلها وبقاءها مجهولاً.. لا بل خطيراً.