الخميس - 16 يناير 2025
الخميس - 16 يناير 2025

كراهية الخطاب

هل سألنا أنفسنا عن أسباب زيادة جرعة الكراهية في مجتمعاتنا خلال السنوات الماضية، هل سألنا أنفسنا عن تداعيات تلك الأزمة وما يمكن أن تفعله، هل ناقشنا سبل الحل وأهله؟

أعتقد أن ذلك لم يحدث، إلا في محاولات بسيطة هنا وهناك، وعلى فترات متباعدة، وأظن أنّه من المرات القليلة أن تُعقد ندوة لمناقشة هذا الأمر.

ما زلت أرى أن خطاب الكراهية حالة عامة، تعاني منها بعض الدول في ظروف معينة، تكون فيها حالة الاستقطاب والخلاف ظاهرة واضحة، حيث تعجز جميع الأطراف عن الاستماع والإنصات، وتكون وجهة نظر الطرف نصاً مقدساً لا يحمل الشك أو التأويل، أو الخطأ والعياذ بالله.


الأمثلة في التاريخ كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، خطاب الساسة الأمريكيين بعد 11 سبتمبر، ومن قبلهم النازيون، ومن قبلهم الكثير.


أما في منطقتنا فأعتقد أن المسؤول الرئيس في زيادة خطاب الكراهية مؤخراً هو جماعة الإخوان الإرهابية، التي حاولت بسطوتها الاستحواذ على الدولة ومفاصلها، وتحديداً إعلامها، واستعانت بجملة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن قبل حملته على أفغانستان ومن بعدها العراق أنه «من ليس معنا فهو ضدنا»، لقد جاءت تلك الجملة، بتنويعاتها اللغوية والدلالية على لسان جميع أمراء وأعضاء الجماعة، على مر تاريخها.

أنا من المؤمنين أيضاً بأن خطاب الكراهية انتشر في الإعلام كما لم ينتشر من قبل، وذلك مع وجود حالة من الاستسهال والتراخي واللهث وراء «أي حاجة»، وهي الحالة التي جعلت من الإعلام «سبوبة» لبعض مفتقدي المهنية والضمير، وما زلت أرى أن أحد حلول أزمة انتشار الكراهية هو في عودة المهنية والإيمان بأن دور الإعلام الأساسي هو التنوير، ولا شيء غيره.

خطاب الكراهية أيضاً لن يتوقف، مع وجود «سوشيال ميديا» غير مسؤولة تعمق هذا الخطاب، وحلها في الضمير الوطني الذي بدا مفقوداً لدى الكثيرين.

نحن بحاجة إلى خطاب موازٍ لمواجهة الكراهية يعالج أمراض المجتمع وأزماته، وهذا لن يحدث إلا بتضافر وسائل الإعلام، بجهود المسؤولين والشعب، بالإيمان بأن «من ليس معنا، فهو ليس بالضرورة ضدنا»، ويستثنى بالتأكيد من هؤلاء المجموعة التي لا تحب مصر.