السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أماكن تعيد ذاكرتها

قريباً من مدينة نيس جنوب فرنسا عُلقت على مدخل قرية وادعة في الريفيرا الفرنسية مقولة المبدع جان كوكتو: «لا تبكوا هكذا بل تظاهروا بالبكاء، فالشعراء لا يموتون بل يتظاهرون بالموت فقط».. فتاريخ الكُتاب والفنانين والمبدعين عبر التاريخ يعيد للمكان ذاكرته ويمنح للمدينة بصمتها.

المناطق الأوروبية التي هي وجهة سياحية لسياح العالم تُولي عناية خاصة بالأماكن الأثرية والدينية في كل مدينة وقرية وجزيرة، سواء أكانت كنيسة أو كاتدرائية أو شوارع قديمة وأعمدة حجرية ومتاحف صغيرة وأخرى عظيمة، كما المقاهي الثقافية التي أشهرها مقاهي «سان جيرمان»، والتي كانت مركزاً لتجمع المثقفين والكتاب والفنانين في باريس والعالم من حولها.

يجبرك المرور من هذه الأماكن على البحث، عبر السيد «google» كحل سريع، عن تاريخها وأهم تفاصيلها، وسر حدائقها وتصاميمها وأقبيتها وأسقفها العالية وأدواتها الموسيقية المعلقة في كنائسها، تدهشك بكيفية صنعها منذ مئات السنين بأحجامها وأفكارها التي ابتكرها الإنسان قبل عصر التقنية.


أحرص كلما زرت بيرنيه فولتير على زيارة نزل الفيلسوف فولتير الذي يسمى (شاتوه) أو القصر الصغير، والذي تحول إلى متحف لمقتنياته، ولعل ما يدهش الزائر هو السرير الذي يشبه الكرسي في غرفة نومه والذي كان ينام عليه لوقت طويل.


هذه الأماكن تعيد ذاكرتَها آثارُها ومقتنيات أصحابها، وتقدم للزائر صورة وافية عن تاريخها وتشكل دخلاً اقتصادياً لا بأس به للمنطقة عبر التذاكر التي يدفعها السائح، والمشتريات والمطاعم التي يرتادها، ووسائل المواصلات، وتبقى عصباً ممتداً يصل الماضي بالحاضر والمكان بزواره.

دبي التكنولوجية والمتقدمة في معالم سياحية هي الأولى من نوعها رغم أن مستقبلها في سباق مع حاضرها، إلا أن الماضي يعبق في الكثير من الأماكن والمناطق فيها، فظلت تحتفظ بالأصالة جنباً إلى جنب مع الحداثة.

وإن أردت عزيزي القارئ أن تعيش ما أقوله فاقصد الفهيدي (البستكية) سابقاً التي لا يغادرها سياح دبي إلا وكانت ضمن جدولهم السياحي، واحرص على رحلة سفاري لترافقك الصحراء يوماً بأكمله بين نهار وليل، ولتكون الريح والحيوانات المحمية وليلة عربية تحت خيامها ومع قهوتها بالهال ونارها الموقدة بالحطب.

دبي التي تفاجئك ببرزخين يلتقيان؛ أصالة ماض وحاضر بكل تقنياته جديرة أن تكون طريق الحرير ومنها تستقي ألف حكاية وحكاية.