الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

قريباً في الشرق الأوسط.. انتخابات مهمة

ليست إعادة الانتخابات العامة في إسرائيل في شهر سبتمبر المقبل، ولا الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة العام المقبل، من أهم الأحداث الانتخابية بالنسبة لمستقبل الشرق الأوسط، بل إن انتخاب المدير العام الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تعدّ المرجعيّة النووية العليا على المستوى الدولي، يمكن أن يكون له تأثيره المهم فيما يتعلق بالخلافات حول تطوير البرنامج النووي الإيراني.

ولقد غيّب الموت الدبلوماسي الياباني ومدير الوكالة «يوكيوا أمانو» في 18 يوليو الماضي بسبب مرض ألمّ به بعد أن احتفظ بهذا المنصب منذ عام 2009 خلفاً للدبلوماسي والخبير المصري محمد البرادعي، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2005 بالتضامن مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (مناصفة).

وعقب رحيل «أمانو»، قرر مجلس أمناء وحكّام الوكالة الذي يتألف من 35 عضواً منتخباً ومعيّناً من طرف الدول، الإسراع في انتخاب المدير العام الجديد للوكالة. وتقرر أن يكون يوم الخامس من سبتمبر المقبل هو الموعد المحدد لانتهاء مهلة قبول طلبات الترشّح لمنصب المدير ومجلس الحكّام، وستتم عملية التصويت في شهر أكتوبر لتتبعها بعد ذلك مراسم تنصيب المدير العام المنتخب للوكالة في اليوم الأول من شهر يناير 2020.


ويُذكر في هذا الصدد أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتميز بهامش من الممارسة الديموقراطية أكثر اتساعاً من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فيما يتعلق بطريقة التصويت على القرارات.


وفيما تحظى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بامتياز حق النقض (الفيتو)، إلا أنه ما من أحد من أعضاء مجلس أمناء وحكّام وكالة الطاقة الذرية الـ 35 يتمتع بهذا الحقّ بما في ذلك ممثلو الدول الـ 13 المعيّنون أو ممثلو الدول الـ 22 المنتخبون، وحتى القوى العظمى كالولايات المتحدة لا تمتلك إلا صوتاً واحداً عند انتخاب المدير العام الجديد للوكالة.

وتُعتبر الحرفيّة والموضوعيّة والحياد من أهم المظاهر التي تميّز سياسات العمل في الوكالة، وكلها من المزايا الضرورية عندما يتعلق الأمر بالمناقشات الدبلوماسية المتعلقة بالحالة الإيرانية.

وكثيراً ما تتعمد بعض الأطراف الترويج لمعلومات غير مؤكدة أو تعوزها الصدقية في محاولة منها للتلاعب أو طمس الأدلّة والوقائع أثناء النقاش حول القضايا المتعلقة ببرامج الطاقة النووية من أجل تحقيق أهدافها الخاصة.

وهذه المنظمة الدولية تحظى بالثقة العامة بسبب طبيعتها الصارمة فيما يتعلق بحرفيّة العمل والأداء المبني على الخبرة العلمية، وبما يوفر من بيئة للنقاشات الموضوعية، فضلاً عما عرف عنها من أنها تلعب دوراً حيادياً في مجال التفتيش والتحقق من النشاطات النووية.

ولو تّم انتخاب مدير جديد يعمل بوحي من إملاءات تفرضها عليه الولايات المتحدة، فإن الطبيعة الحيادية للوكالة سوف تتعرّض لانتكاسة حقيقية، وسوف يؤدي ذلك إلى الفشل في التخفيف من حدة النزاع القائم بين الولايات المتحدة وإيران، ويمكن القول: إن انتخابات مهمة جديدة سوف يشهدها الشرق الأوسط في الأيام المقبلة.