الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

لا مرحبا بالمرافق.. ولا بالوفد المنافق!

لا مرحبا بالمرافق.. ولا بالوفد المنافق!
ليس كل القتال جهاداً وليس كل الجهاد قتالاً، فالجهاد أوسع كثيراً من القتال، وأزعم أن القتال قد سقط تماماً من فرض الجهاد، وأن الدعوة الربانية إلى القتال كانت فقط للمؤمنين على عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم»، وجانب من عهد الخلفاء الراشدين، ومع اشتعال الفتنة الكبرى سقط القتال ولكن بقي الجهاد الأكبر، وهو جهاد النفس وجهاد العلم، والعمل والبناء الذي لن يسقط أبداً!

كان القتال مشروعاً ومفروضاً عندما كان هناك معسكران صريحان واضحان أحدهما فسطاط الكفر والآخر فسطاط الإيمان، ومع الفتنة راح المعسكران يختفيان بالتدريج حتى تلاشيا تماماً الآن وغداً وبعد غد، فلم يعد هناك فسطاط واضح للمؤمنين أو فسطاط واضح للكفرة، وأصبح القتال بين معسكرين أو «معسكرات للمنافقين»، المنافقون فقط من يتقاتلون في هذه الأمة، وعندما يقاتل امرؤ آخر يزعم أنه كافر، فقد حكم لنفسه بالإيمان، ومن قال أنا مؤمن فهو منافق، ومن حكم لنفسه بالإيمان فهو منافق لأن هذا حكم الله وحده!.

إن الثابت شرعاً أن المنافق لا يجوز قتله أو قتاله، فقد تكفل الله وحده بعقاب المنافقين وفضحهم، وكان رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يعرف المنافقين بأسمائهم وقد أخفى هذه الأسماء عن الصحابة خوفاً من أن يُقدموا على قتل المنافقين، وعندما أراد بعض الصحابة الإذن له بقتل رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول رفض الرسول «صلى الله عليه وسلم» وقال: «أتريد أن يقال إن محمداً يقتل أصحابه».


وهكذا اختفى المؤمنون والكفرة الصرحاء وساد المنافقون، وفي هذا المشهد الضبابي لا بد من أن يسقط القتال والقتل، فهي فتن كقطع الليل المظلم يُكفّر فيها المؤمن، ويؤّمن فيها الكافر، ويكذّب فيها الصدوق ويصدق فيها الكذوب.


كل الجماعات والفرق المتقاتلة هالكة إلا فرقةً واحدةً، هي التي ليست فرقة ولا اسم لها، فهي ليست إخواناً ولا قاعدة ولا نصرة ولا سنة ولا شيعة، هي اللافرقة، هي أنا وأنت وهو وهي.. هي الجماعة أو العامة، وحتى الفرقة التي سمت نفسها الجماعة الإسلامية هالكة أيضاً.

الكل الآن فِرق منافقة، وقتال المنافقين لا يجوز شرعاً، فالقتال الآن عبثي لأنه صراع بين معسكرات متلاصقة غير واضحة، فلا مرحباً بالمرافق ولا مرحباً بالوفد المنافق!